أثار مقترح منح خلفاء القواد الصفة الضبطية، الوارد في مشروع قانون المسطرة الجنائية، جدلا داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، حيث عارض عدد من النواب هذا الإجراء بدعوى أن المستوى الدراسي والتكويني لهؤلاء الخلفاء لا يؤهلهم لممارسة هذه الصلاحيات، بينما دافع وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، عن تمكينهم منها، مشددا على دورهم الحيوي في المداشر والقرى، خاصة خلال وقوع الأحداث الطارئة.
وخلال المناقشة التفصيلية لمشروع المسطرة الجنائية، تساءل النائب البرلماني عن الفريق الاشتراكي، سعيد بعزيز، عن مدى أهلية خلفاء القواد لهذه الصفة.
وأوضح أنهم في الأصل موظفون بالقيادات أو الجماعات، أو مقدمون وشيوخ تمت ترقيتهم إلى منصب خليفة قائد، ويتدرجون في السلالم الإدارية. وقال بعزيز: “كيف لشخص كان مقدما أن نمنحه الصفة الضبطية؟ وكيف يمكن الوثوق بالمحاضر التي سينجزها، خصوصًا أن الطعن فيها لا يكون إلا بالزور؟”.
وأشار إلى أن منح هذه الصفة للخلفاء ليس أولوية، معتبرا أنه من الأجدر منحها أولا لرؤساء الدوائر في الوسط القروي، الذين لا يمكنهم إنجاز محاضر حاليًا لعدم توفرهم على الصفة الضبطية، مضيفًا أنه ينبغي إدراج رؤساء الدوائر ضمن لائحة الحاصلين على هذه الصفة، مقابل استبعاد خلفاء القواد.
من جانبها، اعتبرت النائبة عن المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، هند رطل بناني، أن منح الصفة الضبطية للخلفاء سيؤثر سلبًا على المواطنين، خاصة أنهم في احتكاك دائم مع التجار وسكان المناطق التي يشرفون عليها، مشددة على أنه إذا تم إقرار هذا الإجراء، فيجب بالمثل منح الصفة الضبطية لأعوان الشرطة الإدارية.
في المقابل، دافع وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، عن المقترح، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية شاركت في مناقشته، حيث تم التركيز على البعد الجغرافي وتعدد المناطق التي تتطلب وجود مسؤولين مخولين قانونيا لتحرير محاضر المعاينة.
وأوضح وهبي أن أهمية منح هذه الصفة للخلفاء تكمن في إمكانية الاستعانة بهم لإنجاز المحاضر خلال الكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات أو الزلازل في القرى، حيث يسند إليهم توثيق حالات الوفاة والتثبت من الجثث.
وأضاف وهبي: “طلبنا رأي وزارة الداخلية في هذا الموضوع، وأكدوا أن خلفاء القواد يكونون عادة أول من يصل إلى موقع الحدث قبل حضور الدرك الملكي. وخلال زلزال الحوز، على سبيل المثال، كان يتم تصوير الجثث والبحث عن القواد للإشهاد عليها، لأن الخلفاء لا يتوفرون على الصفة الضبطية.”
من جهته، أوضح هشام الملاطي، مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل، أنه لا يجب الإبقاء على الصورة النمطية القديمة عن خلفاء القواد، مشيرًا إلى أن أغلبهم حاصلون اليوم على شهادات البكالوريا، الإجازة، أو حتى الماستر، وفقًا لإحصائيات وزارة الداخلية.
وأشار الملاطي إلى أن رجال الدرك والشرطة يشترط عليهم الحصول على شهادة البكالوريا، قبل تلقي تكوين لمدة سنتين بالمعاهد المختصة، بالإضافة إلى ثلاث سنوات كأعوان للشرطة القضائية قبل اكتساب الصفة الضبطية. أما بالنسبة لخلفاء القواد، فأكد المسؤول بوزارة العدل أن هناك معهدا للتكوين في القنيطرة مخصصًا لهم، ومن الضروري أن يخضعوا لهذا التكوين لضمان جاهزيتهم لممارسة الصلاحيات القانونية المخولة إليهم.
وختم الملاطي بالتأكيد على أن مشكلة التكوين غير مطروحة، إذ يوجد معهد متخصص يمكنه تأهيل الخلفاء، مما سيساهم في حل العديد من الإشكالات المرتبطة بالمناطق القروية والمداشر التي تعاني من غياب القواد أو عناصر الدرك الملكي عند وقوع أحداث تتطلب تدخلا قانونيًا فوريًا.