بدر شاشا
تُعَد هذه الظاهرة التي نراها اليوم في المجتمع المغربي انعكاساً لحالة من التحول الثقافي وتغيير القيم، حيث باتت الشخصيات التي تقدم محتوى ترفيهيًا محضاً، مثل الرقص والغناء السطحي، تحظى بشعبية وتأثير واسع، بينما يتراجع الاهتمام بالعلم والتعليم والمعرفة. بات التركيز على الترفيه المستمر والشهرة الآنية، في وقت أصبح فيه المجال التعليمي والعلمي يعاني نقصاً في الاهتمام والاستثمار، سواء من قبل المجتمع أو من الشباب الذين يُفترض أن يقتدوا بالنماذج الناجحة والمثقفة.
تلك الشهرة التي تحظى بها شخصيات مؤثرة في الرقص والغناء تستحوذ على مساحات كبيرة في الإعلام، وتُقدَّم برامج خصيصاً لمتابعتها ودعمها، في حين أن العلماء والمثقفين وأصحاب الرأي البناء يفتقرون إلى هذا الاهتمام. ولعلّ المشكلة الحقيقية تكمن في أن الجيل الجديد أصبح يتخذ من هؤلاء القدوة، مما يؤثر على طموحاتهم ويحدّ من رؤيتهم لمستقبلهم. هذه التأثيرات العميقة على المجتمع تؤدي إلى انحدار في القيم التي تتأسس عليها حضارات الأمم، حيث تتبدل القيم التي يجب أن ترفع من شأن الإنسان ومجتمعه.
وبدل أن يصبح الشغف موجهاً نحو العلوم والتكنولوجيا والفنون الهادفة، نجد أن الاهتمام يتحول إلى متابعات مستمرة لمجالات لا تسهم في بناء الأجيال، بل تؤدي إلى إلهاء المجتمع وتوجيه الشباب إلى مسارات سطحية قد تضيّع طاقاتهم وإبداعاتهم. هذه الظاهرة تجعلنا نتساءل عن مسؤولية الإعلام، وعن الدور الحقيقي الذي يجب أن يؤديه في تقديم المحتوى الثقافي الهادف الذي ينفع الأجيال ويعزز مكانة العلم والمعرفة.
إن مسؤولية توجيه المجتمع نحو القيم السامية والمعرفة تقع على عاتق كل فرد؛ من الأسرة، إلى المدرسة، إلى وسائل الإعلام. بناء مجتمع قوي ومتوازن يحتاج إلى إعادة النظر في النماذج التي يُحتفى بها وتغييرها، ليصبح التركيز منصباً على العلم والعمل الهادف، ويعود الاهتمام للبرامج التعليمية والتثقيفية التي تُلهم الشباب نحو المعرفة وتفتح لهم أبواباً جديدة للإبداع والنمو الفكري والاجتماعي.