حوار خاص مع رئيس جماعة أوسرد الشيخ أحمد بنان
إعداد وتقديم: محمد الصغير – جريدة الساحل بريس
في هذا الحوار الحصري، تجلس “الساحل بريس” إلى رئيس جماعة أوسرد، السيد الشيخ أحمد بنان، لتسليط الضوء على واقع التنمية بالإقليم، والتحديات البنيوية التي لازالت قائمة رغم تعدد الوعود والمشاريع، ومناقشة الأفق التنموي في ظل الشراكات الجهوية وبرامج الدولة.
محمد الصغير:
سيد الرئيس، دعني أبدأ من نقطة طالما أثارت تساؤلات الساكنة والمتتبعين: منذ أواخر التسعينيات، حين انطلقت الأشغال الأولى في إقليم أوسرد، لم يعرف هذا الأخير تطوراً ملموساً في مجال البنيات التحتية. كيف تفسرون هذا الواقع؟
الشيخ أحمد بنان:
سؤال مشروع وأتفق معكم تماماً. بالفعل، إقليم أوسرد عانى من تأخر في تجسيد البنية التحتية الأساسية لمدة تقارب 25 سنة، منذ أواخر التسعينيات وحتى بداية العقد الثاني من الألفية الجديدة، وذلك بسبب عدة تحديات منها الطبيعة الجغرافية للمنطقة، وغياب الاعتمادات المالية الكافية خلال تلك الفترة، إضافة إلى محدودية البرامج التنموية المركزية التي شملت الإقليم.
محمد الصغير:
بالانتقال إلى المشاريع التنموية لاسيما مشروع الطاقة الشمسية، والذي كان يعوّل عليه كأحد الحلول التنموية المستدامة، ما يزال يراوح مكانه ولم يسجل أي تقدم ملحوظ. هل لديكم معطيات دقيقة بخصوص هذا الملف؟
الشيخ أحمد بنان:
بصراحة، نحن أيضاً نتساءل عن أسباب توقف هذا المشروع الحيوي، الذي كان من شأنه أن يمنح دفعة قوية لمسار التنمية بإقليم أوسرد. لقد قدّم مجلس جهة الداخلة – وادي الذهب مساهمته في المشروع منذ سنوات، بناءً على إلحاح الساكنة التي تنتظر بفارغ الصبر إنجازه. تدخلت الجهة للمساهمة في إنجاز المشروع وضمان استفادة جماعة أوسرد والساكنة عموماً منه في أقرب وقت ممكن، لكن للأسف لم يسجل أي تقدم ملموس حتى الآن.
هذا المشروع يتجاوز كونه مجرد توفير للكهرباء، فهو يمثل خطوة استراتيجية مهمة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الإقليم بشكل عام. من خلال توفير الطاقة، سيتحسن مستوى المعيشة للسكان، وسيُفتح المجال أمام فرص جديدة للنمو والازدهار، بالإضافة إلى دعم الاستقرار الاجتماعي وإعمار المدينة.
في ظل توجه المغرب الوطني نحو اعتماد الطاقات البديلة كخيار استراتيجي للحفاظ على البيئة وتحقيق الاستقلال الطاقي، فإن تعطيل هذا المشروع يثير تساؤلات عديدة حول العراقيل التي تعترض تنفيذه. نحن نتابع الملف عن كثب، ونعمل بكل جدية من أجل الدفع به إلى حيز التنفيذ في أقرب وقت، لأنه يمثل ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار لإقليم أوسرد وساكنته.
محمد الصغير:
في المقابل، مشروع الماء الصالح للشرب يشهد تقدماً ملموساً، بفضل مساهمة مجلس جهة الداخلة – وادي الذهب. هل هناك موعد محدد لانطلاقه؟ وهل سيغطي مدينة أوسرد؟
الشيخ أحمد بنان:
فعلاً، مشروع الماء الصالح للشرب يعرف تقدماً ملموساً، ونحن الآن في المراحل الأخيرة قبيل انطلاق الاستفادة الفعلية. من المرتقب أن تبدأ ساكنة مدينة أوسرد في التزود المنتظم بهذه المادة الحيوية ابتداءً من شهر غشت المقبل. وهنا لا يفوتني أن أنوّه بالدور المحوري الذي لعبه رئيس مجلس جهة الداخلة – وادي الذهب، السيد الخطاط ينجا، سواء من خلال دعمه القوي لهذا الورش أو من خلال تعبئة موارد مالية مهمة مكنت من إخراج المشروع إلى حيز التنفيذ. إنه بالفعل تحول نوعي سيمكّن ساكنة أوسرد، ولأول مرة، من التمتع بخدمة الماء الشروب بشكل منتظم ومستدام.
محمد الصغير:
وفي مجال الفلاحة، تم تخصيص هكتارات واسعة للاستغلال الفلاحي، ما قد يشكل رافعة للتشغيل والتنمية المحلية. هل هناك خطة واضحة لتدبير هذه الأراضي؟
الشيخ أحمد بنان:
بالفعل، المساحات الفلاحية التي تم تخصيصها تُعد رافعة حقيقية للتنمية المحلية وخلق فرص الشغل. ويُسجَّل في هذا الإطار الدور البارز لعامل إقليم أوسرد، السيد محمد رشدي، الذي يواكب هذا المشروع الحيوي عن قرب، ويحرص على توفير الظروف الملائمة لإنجاحه.
وقد انطلقت بالفعل خطوات عملية لتدبير هذه الأراضي وفق مقاربة تشاركية، تعتمد على التنسيق مع الجهات المختصة، بهدف ضمان توزيع عادل وشفاف، وتحقيق أهداف تنموية واقتصادية واضحة، خاصة على مستوى تحسين مردودية الأرض وخلق فرص الشغل والاستقرار.
محمد الصغير:
سيد الرئيس، انطلاقاً من إفادتكم قبل بداية هذا الحوار حول نقل مشروع تحلية المياه، الذي كان مبرمجاً بنواحي منطقة بولرياح ومخصص له مبلغ يقارب 30 مليون درهم، إلى جماعة أخرى، كيف تفسرون هذا القرار؟ وهل ترونه يتماشى مع مبدأ التنمية المتوازنة التي يجب أن تستفيد منها جميع الجماعات؟
الشيخ أحمد بنان:
شكراً، الصغير محمد. نقل مشروع تحلية مياه مبرمج لمنطقة محددة مثل نواحي بولرياح، وبهذا الحجم المالي، يطرح إشكالاً حقيقياً يتعلق بعدالة توزيع المشاريع على مستوى المجال الترابي. فالتنمية لا ينبغي أن تُبنى على إعادة توجيه المشاريع من جماعة إلى أخرى دون مبررات واضحة وشفافة.
المطلوب هو اعتماد برمجة عقلانية ومنصفة، تراعي الحاجيات الحقيقية لكل جماعة، وتعمل على تقليص الفوارق المجالية، بدل تعميقها. إن استمرار مثل هذه الممارسات من شأنه أن يُضعف الثقة في السياسات التنموية ويغذي شعور الإقصاء لدى الساكنة. لذلك، نؤكد على ضرورة ترسيخ منهجية عادلة في التخطيط، تضمن التكافؤ وتخدم المصلحة العامة.
محمد الصغير:
نعلم أن هناك اتفاقية أبرمتها جهة الداخلة مع جماعة أوسرد تشمل مشاريع تنموية سترى النور في الفترة بين 2025 و2026. هل يمكنكم إطلاعنا على مضامينها؟
الشيخ أحمد بنان:
بالفعل، الاتفاقية تشمل أربعة مشاريع تنموية مهمة، منها مشروعان من المقرر إطلاقهما خلال سنة 2025، ومشروعان آخران مبرمجان لسنة 2026. جميع هذه المشاريع تستهدف تحسين جودة الحياة بالمنطقة وتلبية حاجيات الساكنة في مجالات متعددة، كما ستسهم بشكل كبير في تعزيز البنية التحتية ودعم الاقتصاد المحلي. نحن نثمّن بشكل خاص الدعم المتواصل لرئيس مجلس جهة الداخلة – وادي الذهب، وحرصه على تسريع وتيرة تنفيذ هذه الأوراش التنموية، بما يخدم مصلحة الجماعة وسكانها ويعزز التنمية المستدامة في أوسرد.
محمد الصغير:
وفي ختام هذا اللقاء، نود منكم أن تقدموا رؤية مستقبلية لتنمية جماعة أوسرد، رغم الإكراهات، وكلمة أخيرة.
الشيخ أحمد بنان:
رؤيتي واضحة: أوسرد تستحق أن تكون نموذجاً تنموياً في الجنوب، ونحن نعمل بكل ما أوتينا من إمكانيات لتحقيق ذلك، رغم الإكراهات المرتبطة بالموقع والتمويل. وفي هذا الإطار أوجه شكري الكبير لمجلس جهة الداخلة بقيادة الخطاط ينجا، الذي برهن على دعم حقيقي للجماعة، كما لا يفوتني أن أحيي جريدة الساحل بريس التي تواكب قضايا الإقليم بكل مهنية وحرص، وهذا ما نحتاجه لتقوية الرقابة الإعلامية وتنوير الرأي العام.