شاشا بدر
تعتبر الرياضة من أبرز مجالات التنمية الشاملة التي يمكن أن تُسهم في تعزيز صحة الأفراد والمجتمعات، كما تلعب دورًا كبيرًا في تربية الأجيال على القيم الإيجابية من التعاون، والانضباط، والتحمل. ومن أجل تحقيق التنمية الرياضية المستدامة في المغرب، أصبح من الضروري أن يتم الاستثمار في المنشآت الرياضية في مختلف الجهات المغربية، لتكون في متناول جميع الفئات المجتمعية.
إن فكرة إنشاء قاعات رياضية شاملة في كل جهة من الجهات المغربية تعتبر من الخطوات الأساسية نحو تطوير الرياضة في البلاد. هذه القاعات لا تقتصر على كونها أماكن مخصصة لممارسة الرياضات الفردية والجماعية، بل يجب أن تكون مجهزة بكل ما يحتاجه الرياضيون من مرافق حديثة ومتنوعّة، تشبه تلك التي تُستخدم في الألعاب الأولمبية، مما يتيح للرياضيين الفرصة للتدريب في بيئة احترافية تؤهلهم للمشاركة في المسابقات المحلية والدولية.
إن مثل هذه القاعات الرياضية الشاملة لا تعزز فقط البنية الرياضية في المملكة، بل تساهم أيضًا في خلق فرص للتوظيف والتنمية الاقتصادية على المستوى المحلي، حيث يمكن لكل مدينة أو جهة أن تكون مركزًا رياضيًا مهمًا يستقطب المبدعين والمواهب في مختلف أنواع الرياضات. هذا الاستثمار سيعزز من مكانة المغرب على الخريطة الرياضية العالمية ويعطي فرصة للشباب المغاربة لاكتشاف إمكانياتهم في بيئة محفزة.
وفي نفس السياق، من الأهمية بمكان إنشاء ملاعب قرب في مختلف المدن المغربية، وخاصة في المناطق النائية. هذه الملاعب يجب أن تكون مهيأة لجميع الفئات العمرية والرياضية، لتشجيع الجميع على ممارسة الرياضة بغض النظر عن مستواهم الاجتماعي أو الاقتصادي. الرياضة ليست فقط للأبطال، بل هي لكل فرد في المجتمع من الطفل إلى الكهل. إذا توفرت الملاعب في الأحياء والمدن الصغيرة، سيكون بمقدور المواطنين من مختلف الأعمار ممارسة الأنشطة الرياضية بشكل يومي، مما يساهم في تحسين صحتهم العامة ويعزز من روح الجماعة والمشاركة.
إلى جانب ذلك، يجب أن يتزامن هذا الاستثمار في المنشآت الرياضية مع الاهتمام بـ الطب الرياضي والنفسي. يعتبر الدعم الطبي جزءًا أساسيًا من تطوير الرياضة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالوقاية من الإصابات وعلاجها. ينبغي أن يتم توفير عيادات طبية رياضية مجهزة في كل جهة من المغرب، حيث يمكن للرياضيين الحصول على الرعاية الصحية اللازمة بشكل سريع وفعّال. كما يجب الاهتمام بالجانب النفسي للرياضيين، خاصة في ظل الضغوط النفسية التي قد يواجهها بعضهم أثناء فترة التدريب أو المشاركة في المسابقات. يمكن أن تسهم العيادات النفسية في تحسين الأداء الرياضي وزيادة الثقة بالنفس لدى الرياضيين.
ومن المشاريع التي يجب أن تُدرج في خطط الاستثمار الرياضي في المغرب هي أكاديميات كرة القدم مجهزة بأحدث الوسائل التدريبية. ففي كل جهة من المغرب، يجب أن تكون هناك أكاديمية متكاملة تهدف إلى اكتشاف وصقل المواهب الشابة في كرة القدم، من خلال توفير بنية تحتية متطورة تشمل ملاعب تدريب، تجهيزات رياضية، معسكرات تدريبية، بالإضافة إلى مدربين متخصصين في تطوير المهارات الفنية والتكتيكية. هذا النوع من الأكاديميات سيُسهم في بناء جيل جديد من اللاعبين الموهوبين الذين يستطيعون تمثيل المغرب في البطولات المحلية والدولية.
إن الاستثمار في هذه البنية الرياضية المتكاملة سيكون له تأثير إيجابي بعيد المدى على المجتمع المغربي. سيُسهم في تقليص الفوارق بين المناطق الحضرية والنائية، ويعزز من ممارسة الرياضة على نطاق واسع، مما سيساهم بدوره في تحسين الصحة العامة، تقوية روح الانتماء والهوية الوطنية، كما سيخلق فرص عمل جديدة في المجال الرياضي، الطبي، والإداري.
إن تطوير البنية الرياضية في المغرب يتطلب رؤية شاملة وإستراتيجية واضحة تضمن توفير المنشآت الرياضية والتجهيزات اللازمة في كل جهة من جهات المملكة. يجب على الحكومة أن تركز على هذا القطاع الحيوي لأنه يعد استثمارًا في صحة المواطنين وتنمية المجتمع، إضافة إلى أنه يعزز من صورة المغرب على الساحة الرياضية الدولية.