حذّر وزير التعليم العالي السابق، لحسن الداودي، من أن إصلاحات قطاعي التعليم والتكوين بالمغرب “عاجزة” عن مسايرة وتيره التغيرات العالمية و”لا تستجيب” لسوق الشغل، منبها إلى ضرورة إحداث ثورة داخل أطر التعليم لضخ دماء جديدة تساير التطورات التكنولوجية.
وقال الداودي، خلال ندوة “أي نموذج اقتصادي لتحقيق التنمية والعدالة المجالية والاجتماعية” في إطار الملتقى الوطني لشبيبة العدالة والتنمية المنظم ببوزنيقة، إن من بين التحديات الداخلية التي يواجهها المغرب “التعليم والتكوين. هل تعليمنا وتكويننا يناسب حاجيات السوق الداخلية لتبقى المنافسة على الأقل في المستوى الحالي؟”، مجيبا “رغم أنني كنت وزيرا للتعليم العالي لا أظن أن وتيره الإصلاحات تساير وتيره التغيرات العالمية”.
وذكّر القيادي السابق بحزب العدالة والتنمية بتصريحاته في إحدى زيارته لجامعة أكادير عندما قال: “الطالب اللي ما عندوش الإنجليزية غير يحفر القبر ديالوا بأسنانه وينعس فيه”، مؤكدا “كنت أقول هذا الكلام لأنه لا بد من فعل شيء يتذكره الناس، قد يقولون وقتها إن هذا الوزير أحمق ولكن رغم ذلك سيتذكرون ما قلته، لأنه في السوق الدولية اليوم اللغة الإنجليزية مفروضة بينما اللغة الفرنسية أكل عليها الدهر وشرب”، مضيفا “حنا كلينا بيها الخبز لكن الجيل القادم مايكلوش الخبز بالفرنسية”.
وأكد الداودي أن “التعليم هو مربد الفرس وكل تقارير تؤكد عجز التعليم والمدرسة المغربية عن مسايرة التطورات العالمية”، مستشهدا بهذا الصدد بالنظام التعليمي بكوريا “الذي أصبح يعتمد في الابتدائي على تفكيك وتركيب آليات تكنولوجية حتى يتعود الفرد على التفكيك وعلى الإنتاج وليس الاستعمال فقط، فالجميع يستعمل الهواتف، ولا نريد الاستعمال نريد التفكيك والإنتاج والفهم”.
وعرّج المتحدث في مداخلته على ميزانية التعليم بالمغرب التي أكد أنها “ضعيفة جدا” كما يرى أن “هناك تخصصات أو محتواها لا يستجيب لسوق الشغل، وهناك تخصصات الطالب يختارها بغض النظر عن مآلاتها، فيحصل على الإجازة ويريد العمل مباشرة، وهذا غير ممكن”.
ودعا لحسن الداودي إلى رفع المعدلات التي تخول الولوج للجامعات ذات الاستقطاب المفتوح، موضحا “أقول لطلبتي في السنة الأولى من تحصل على 10 في المعدل عليه ألا يأتي للكلية لأنه يكرر 3 أو 4 مرات وإذا تحصل على الإجازة لن يقبله أحد”، مضيفا بأنه ينصحهم “بالتوجه إلى التكوين المهني”.
وطالب المتحدث بإعادة الطالب النظر في علاقته مع العلم “إذا كان الطالب يريد النجاح بمعدل 10 من أجل أن ينجح لا غير لنمنحه له في سنته الأولى و’يمشي بحالوا’ لأنه لا يجب أن تكون علاقتنا بالعلم انتهازية ومرتبطة بالامتحانات”.
وشدد الوزير السابق على أن “الخدمة موجودة ولكن الناس ما بغاوش يوسخوا يديهم، راه المهندس الياباني ولا الصيني تيهز البرويطة والبالا، أما حنى المهندس تيدير الكرافطة، وهذا أمر أكل عليه الدهر وشرب”.
ويرى الداودي أن عددا من الأطر في قطاع التعليم “لم يعودوا قادرين على مسايرة متطلبات المستقبل، ويجب تغيير 30 أو 40 بالمئة منهم”، مبرزا في هذا الصدد “في فرنسا، جيسكار ديستان من أعطى التقاعد النسبي في 55 سنة من أجل إفراغ المقاولات من الجيل القديم وإدخال الشباب الذين يعرفون التطور مع الواقع”، لافتا إلى أنه في ذلك الوقت، كان لدى العامل الياباني مستوى البكالوريا والعامل الفرنسي مستواه شهادة الابتدائية، إذا العامل الياباني يتأقلم مع التكنولوجيا والعامل الفرنسي كان جامدا، لذلك أزاحوا الجميع من أجل إدخال أناس جدد”.
وشدد في هذا السياق على أن ” الأمر ينطبق على قطاع التعليم بالمغرب، لأنه في بعض المدارس الابتدائية اقتنوا لهم الحواسب وخبؤوها ولم يستعملوها”.