بالتجوّل بأرجاء الجنوب الشرقي لمدينة الداخلة ، خاصة بشارع حبوها ولد السوداني ، لا بدّ من سماع أصوات المناشير الكهربائية وآلات النجارة وتقطيع الألمنيوم وتطاير غبار الصباغة ، ناهيك عن انتشار قارورات غاز تستعمل في التلحيم “السودور” التي تعتبر قنابل موقوتة تهدّد سلامة السكان ، هذا بشكل متواصل خلال النهار وبالليل تبدأ محركات الوحدات الإنتاجية المتخصصة في صناعة الثلوج بإصدار الأصوات المزعجة التي لا تتوقف .
الساحل بريس قامت بجولة زارت خلالها الشارع المذكور ، ورصدت انتشار مخلّفات ورشات المهن الصناعية وانبعاث الأصوات المزعجة والروائح الكريهة وسط السكان هناك ، حيث عبّر كلهم عن تذمرهم من انتشار المحلات الصناعية وسط البنايات السكينة ، منها ما كان موضوع شكايات ومنها ما زال ينتظر تنفيذ قرارات الإغلاق ، “هذا ياسر ، راهم مرضونا وما خلاو حد يذوگ طعم الراحة بذا من الصداع ديال الماكينات ، ومحركات الوحدات الإنتاجية ” يقول أحد السكان المتضررين .
وأردف ذات المتضرر بالقول : “حنا جينا لهذا الحي وسكنا فيه باش نبعدو من صداع السيارات والدراجات النارية وأثر اختيارنا لذا الحي غير الله يجعلو امبارك ، تبعونا إلى هون وعدنا حاظيين معاهم الا كيف المش مع الفأر”، مسترسلا قوله : “خاصهم يديرو ليهم حل راهم مرضوا الناس وخسروا وجه المدينة ”.
إن انتشار الحرف الصناعية التي تعتمد الآلات تسبب أضرارا خطيرة للسكان والبيئة، بسبب التلوث البيئي عموما، ومنه التلوث الضجيجي، وهو ما يؤثر على صحة المواطنين، خاصّة ذوي الأمراض المزمنة، وراحتهم والمردودية التعليمية لأبنائهم.
ويشار في هذا السياق إلى أن الخطورة التي تسببها هذه الحرف بسبب الآلات الثقيلة والمناشير الكهربائية ، ومخلفاتها كأجزاء الحديد والزيوت وغبار الصباغة وأصوات المحركات ، وهو ما يؤدي إلى إصابة المواطنين بالأمراض العضوية والنفسية والعصبية، ناهيك عن استغلال الأطفال القاصرين في هذه الأوراش .
فحتى لا نكون منحازين للفئة المتضررة على حساب الفئة المشتغلة ، فإن من حق الحرفيين العيش الكريم ، لكن في إطار القانون وعدم إيذاء الناس والبيئة على السواء، خاصة أن أغلب السكان بالشارع المذكور يؤدون أقساطا شهرية من مالهم الخاص لتأمين سكن ملائم ، ينعمون فيه بحقّهم في الراحة والطمأنينة في أحيائهم السكنية التي تحولت إلى مناطق صناعية.
وطالب المتحدّث بتدخّل الجهات المعنية ، كل من موقعه، وتحمّل المسؤولية لرفع الضرر عن السكان والتعامل الجدي مع شكايات المواطنين ، وعدم الترخيص لمثل هذه المهن المعروفة بأضرارها لدى الجميع ، وتفعيل قرارات الإغلاق دون دفع الناس للاحتجاج، ومنع الحرفيين الذين يقدمون على فتح محلات عشوائية بطرق ملتوية ، وإيجاد حلول واقعية للحرفيين ، وذلك بتجميعهم في الحي الصناعي بعيدا عن المناطق السكنية.
وإرتباطا بالموضوع و حول الإجراءات التي تنهجها مصالح البلدية بخصوص الترخيص لهذه الحرف الصناعية المزعجة ، كالتلحيم وصباغة السيارات وإصلاحها ، نفى مصدر أن يكون تم إصدار أي ترخيص للحرفيين المعنيين بهذه الأنشطة خصوصا بهذا الشارع المذكور ، موضّحا أن كل من فتح محلا لممارسة مثل هذه الحرف ، فهو يشتغل بطريقة غير قانونية.
وأوضح في ذات السياق أن مصالح البلدية تطبّق المسطرة القانونية ، كلّما توصلت بشكاية من السكان المتضررين ، بحيث تشكل لجنة ، تقوم بمعاينة المحلات موضوع الشكايات، وتحدّد الأضرار في تقرير مفصّل في الموضوع، لتتخذ بناء عليه قرارات الإغلاق ، ثم يبدأ دور السلطات المحلية في إطار لجنة إقليمية مختلطة تشرف على تنفيذ قرار الإغلاق وفق القانون.