مع هطول الأمطار الموسمية على مدينة الداخلة، ارتسمت على وجوه السكان علامات الفرح والارتياح. فالقطرات الأولى ليست مجرد مياه تتساقط من السماء، بل هي رمز للخير والنماء، وتنعش الأرض وتمنح الحياة للكسابة، وتبشر بموسم فلاحي واعد بعد شهور من الانتظار.
لكن هذه الأمطار، رغم ما تحمله من بركة، تطرح تساؤلات جدية حول قدرة البنية التحتية في المدينة على مواجهة تحديات البرك المائية حتى لا نقول السيول وتجمعات الماء. إذ لا تزال العديد من الشوارع في طور الإنجاز، وتفتقر بشكل ملحوظ إلى جنبات ومجاري مائية مخصصة لتصريف مياه الأمطار، وهو النقص الذي قد يؤدي إلى تجمع المياه في بعض الأحياء، ما يفاقم مشاكل السير ويشكل خطراً على المركبات والمارة.
في هذا الإطار، يبرز سؤال مهم: هل ستتمكن الشركات الفائزة بصفقات البنية التحتية من إصلاح ما أفسدته التدابير العشوائية التي اعتمدت قبل سنوات، والتي ساهمت في تفاقم مشاكل تصريف المياه وتآكل بعض المرافق؟ الإجابة تكمن جزئيًا في مدى جدية المتابعة والرقابة على تنفيذ المشاريع، وسرعة إنجاز الأعمال بطريقة تراعي المعايير الهندسية والبيئية اللازمة.
الملاحظ أيضًا أن المشاريع الجاري إنجازها ستخضع لاختبار عملي حقيقي أمام قوة الأمطار الموسمية، ما يجعل التنسيق بين المصالح البلدية والإقليمية أمراً حيوياً، لضمان صيانة الجنبات ووضع حلول مؤقتة حتى يتم استكمال البنية التحتية بشكل كامل. كما أن التجربة الحالية قد تشكل فرصة لتقييم جاهزية المدينة لمواجهة الطوارئ المناخية المستقبلية.
خلاصة القول، الأمطار بركة لا شك فيها، لكنها أيضاً اختبار حقيقي للبنية التحتية ولقدرة الشركات والسلطات على تصحيح الأخطاء السابقة. ومع التخطيط الجاد والعمل المنهجي، يمكن تحويل هذا الاختبار إلى فرصة لتقوية المدينة وجعل بنيتها التحتية أكثر صلابة ومرونة أمام أي تقلبات مناخية لاحقة.