بعدما سعت حكومة عزيز أخنوش إلى تقديم صورة ناصعة البياض عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالمغرب ، جاءت تصريحات شكيب بنموسى ، المندوب السامي للتخطيط، لتكشف عكس ما تم ترويجه بخصوص الأرقام الرسمية لمعدل البطالة بالمغرب .
شكيب بنموسى أعلن ، بشكل واضح وشفاف ، أن معدل البطالة على المستوى الوطني ارتفع إلى 21 بالمائة سنة 2024، وهو رقم صادم يتناقض جذريًا مع ما تروج له الحكومة من مؤشرات تدّعي تحسن الأوضاع الاقتصادية.
هذه المعطيات ليست مجرد أرقام عابرة أو تقديرات تقريبية ؛ بل هي نتائج إحصاء وطني عام للسكان والسكنى ، حيث خضعت لمساطر إحصائية دقيقة تعتمد على تصريحات المواطنين وأدوات تقنية مُحكمة ، وهو ما أكد عليه شكيب بنموسى نفسه ، بإعتبار أن هذا الإعلان يؤكد بشكل صريح أن الأرقام التي تحاول الحكومة مد المواطن بها هي فقط لطمأنة الرأي العام ، وهو ما يجعلنا نطرح السؤال : ما الذي يعنيه أن ترتفع نسبة البطالة إلى 21 بالمائة ؟ ، والذي يمكن الإجابة عليه إنطلاقا من أن سياسات الحكومة الاقتصادية، التي ترفع شعارات التنمية وتوفير فرص الشغل، قد باءت بالفشل ولم تقدم حلولًا واقعية تتماشى مع انتظارات المغاربة.
إن التضارب بين أرقام المندوبية السامية للتخطيط ومعطيات الحكومة يعيد إلى الأذهان وضعًا مماثلًا حدث سنة 2014، حينما تفوقت منهجية المندوبية في كشف الحقائق، بينما كانت الحكومة آنذاك تعيش حالة إنكار للأزمة الاقتصادية والاجتماعية ، الحكومة الحالية لم تتعلم من أخطاء الماضي، وتواصل الاعتماد على أرقام تعكس فقط رغبتها في إخفاء العجز والتستر على السياسات التي كرست البطالة والفقر والطبقية ، في المقابل، تُشكل أرقام المندوبية السامية مرجعًا موثوقًا لإدراك حجم الأزمة التي يعيشها المغاربة، خاصة الشباب الذين لم يعد لهم نصيب من وعود التنمية والتشغيل.
وفي الوقت الذي ترفع فيه الحكومة شعارات الجدية والالتزام ، تؤكد هذه المعطيات أن الإنجازات ليست كما يتم الترويج لها ،إذ ان البطالة ليست مجرد رقم في التقارير؛ هي واقع يعيشه مئات الآلاف من الشباب الذين يُكابدون ظروفًا اقتصادية صعبة في ظل انعدام فرص حقيقية تُمكنهم من حياة كريمة ، هؤلاء الشباب باتوا يتساءلون عن جدوى السياسات الحكومية التي تُحملهم عبء الفشل، بينما تُهدر الميزانيات على مشاريع شكلية لا تُحقق أي أثر ملموس.
الصدمة لا تتوقف عند ارتفاع البطالة فقط، بل إن تراجع الخصوبة إلى مستويات غير مسبوقة يعكس مدى أزمة الثقة لدى الأسر المغربية في المستقبل، إذ أصبح إنجاب طفلين تحديًا أمام غياب الأمان الاجتماعي والاقتصادي ، هذه المؤشرات تضع الحكومة أمام حقيقة مرة: المغرب اليوم بحاجة إلى سياسات جديدة تُلبي تطلعات الشعب، بعيدًا عن الأرقام المُضللة التي تُروج في المحافل الرسمية.
تصريحات بنموسى هي بمثابة ناقوس خطر للحكومة الحالية، وعلى عزيز أخنوش أن يُجيب بوضوح عن هذا التضارب بين الأرقام، بدلًا من محاولة الالتفاف على الواقع ، فالمغاربة لم يعودوا يطيقون المزيد من التبريرات التي تتغافل عن معاناتهم اليومية ، فاليوم، أكثر من أي وقت مضى، أصبح ضروريا التحلي بالمسؤولية والاعتراف بالفشل، بدل التستر خلف أرقام شكلية لم تعد تقنع أحدًا.