بأجواء يملؤها الفخر والاعتزاز بالانتماء للوطن، نظّمت رابطة قبائل أولاد دليم بجهة الداخلة وادي الذهب، بتنسيق مع زاوية الولي الصالح والقطب الرباني بويا أعلي بن أعمر الفائز، مساء الخميس 16 أكتوبر 2025، احتفالية وطنية مهيبة إحياءً للذكرى الخمسينية لخطاب المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني الذي أعلن فيه عن انطلاق المسيرة الخضراء المظفرة سنة 1975، وذلك بمقر الزاوية بمنطقة تاورطة جماعة العركوب.
وقد اختير لهذه التظاهرة الوطنية شعار بليغ الدلالة: “خطاب ملك، يصنع مجد أمة.”
افتتاح رسمي بطابع وطني وروحي
استقبلت الزاوية جمعًا من الشيوخ والأعيان والأساتذة الباحثين والفعاليات المدنية، إلى جانب حضور إعلامي وازن مثّله القناة الجهوية للعيون وعدد من المنابر الإلكترونية المحلية.
واستُهل الحفل بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم بصوت الأستاذ سيداحمد المسيدة، قبل أن يقف الحضور وقفة إجلال لأداء النشيد الوطني المغربي وسط أجواء مفعمة بالفخر والاعتزاز بتاريخ المملكة ووحدتها.
كلمة ترحيبية تجسد الوفاء للتاريخ والوطن
في كلمته الافتتاحية، رحّب رئيس رابطة قبائل أولاد دليم، السيد أحمد بابا الخطاط، بجميع الحاضرين، معبّرًا عن الاعتزاز بإحياء ذكرى أحد أعظم الخطابات في تاريخ المغرب الحديث، مؤكّدًا أن خطاب الحسن الثاني يوم 16 أكتوبر 1975 لم يكن مجرد حدث سياسي، بل لحظة تأسيسية جمعت المغاربة على قلب رجل واحد، وأطلقت ملحمة المسيرة الخضراء التي أعادت الصحراء إلى حضن الوطن الأم.
وأوضح أن تخليد هذه الذكرى هو تجديد للعهد والوحدة، وترسيخ لقيم الوطنية والوفاء للعرش العلوي المجيد.
ندوة علمية تسلط الضوء على السياق والدلالات
شهدت التظاهرة تنظيم ندوة فكرية بعنوان: “السياق العام للخطاب التاريخي للمغفور له جلالة الملك الحسن الثاني بتاريخ 16 أكتوبر 1975”، أطرها الأستاذ أحمد الصلاي وأدارها الأستاذ مربيه بوهالة.
وتناول الأستاذ الصلاي في عرضه الخطاب الملكي من جوانبه التاريخية والقانونية، مبرزًا أن خطاب الحسن الثاني كان تحولًا استراتيجيًا في مسار الكفاح الوطني، إذ مهّد لقيام المسيرة الخضراء، مستندًا إلى الشرعية التاريخية والروابط القانونية التي تربط القبائل الصحراوية بالعرش العلوي.
وأشار الصلاي إلى أن محكمة العدل الدولية بلاهاي أكدت، في رأيها التاريخي، وجود روابط البيعة والولاء بين سكان الصحراء وملوك المغرب، ما أعطى للمملكة حججًا قانونية دامغة لاسترجاع أراضيها سلمًا، مؤكدًا أن المسيرة الخضراء كانت تتويجًا لهذه الشرعية وحدثًا فريدًا في التاريخ المعاصر.
عرض الخطاب التاريخي واستحضار روح المسيرة
وخلال الندوة، تابع الحضور التسجيل الأصلي للخطاب الملكي التاريخي الذي أعلن فيه المغفور له الحسن الثاني عن انطلاق المسيرة الخضراء، حيث قال:
> “بقي لنا أن نتوجه إلى أرضنا، الصحراء فتحت لنا أبوابها قانونيًا… لم يبقَ شعبي العزيز إلا شيء واحد، إننا علينا أن نقوم بمسيرة خضراء من شمال المغرب إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه.”
وقد عمّت القاعة لحظات تأمل واعتزاز بتلك اللحظة التاريخية التي وحدت قلوب المغاربة وفتحت صفحة جديدة في مسار استكمال وحدة البلاد.
من أمجاد الماضي إلى إنجازات الحاضر
وفي محور آخر، استعرض الأستاذ الصلاي دلالات الخطاب الملكي واستمرارية نهج البناء في عهد جلالة الملك محمد السادس نصره الله، مبرزًا أن المغرب اليوم يقطف ثمار تلك الرؤية الحكيمة من خلال مشاريع تنموية كبرى بالأقاليم الجنوبية، من أبرزها ميناء الداخلة الأطلسي والورش الاجتماعي الشامل وتعميم الحماية الصحية.
كما أبرز التحولات الاقتصادية والدبلوماسية التي عززت مكانة المملكة إقليميًا ودوليًا، مؤكّدًا أن القضية الوطنية الأولى حققت بفضل القيادة الملكية الرشيدة انتصارات سياسية ودبلوماسية غير مسبوقة.
وفاء متجدد للعرش العلوي المجيد
وفي ختام الاحتفالية، عبّر المشاركون عن اعتزازهم بانتمائهم لقبائل أولاد دليم التي كانت دائمًا في طليعة المدافعين عن الوحدة الترابية وعن البيعة الشرعية للملوك العلويين، مؤكدين أن تخليد هذه الذكرى هو رسالة ولاء وتجديد للعهد على مواصلة البناء والتشبث بالوطن ووحدته.
واختُتم الحفل بتلاوة برقية الولاء والإخلاص المرفوعة إلى السدة العالية بالله جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، تلاها الدكتور أحمد بابا أهل عبيد الله، سائلًا المولى عز وجل أن يحفظ جلالته ويديم على المغرب نعمة الأمن والاستقرار.
