في لقاء تفاعلي مميز عبر منصة Discord، استضافت حركة “جيل Z” مساء أمس الأربعاء السياسي والبرلماني السابق عمر بلافريج، في نقاش مفتوح مع الشباب المغربي حول قضايا الإصلاح السياسي والاجتماعي، حيث عبّر عن تفاؤله بمستقبل البلاد، مؤكداً أن المغرب بحاجة إلى وطنيين حقيقيين يضعون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.
بلافريج أوضح في مستهل حديثه أنه لم يتعرض لأي ضغوط أو إملاءات خلال فترة عمله البرلماني، مشيراً إلى أن المشكل لا يكمن في النظام، بل في غياب الجرأة لدى عدد من البرلمانيين الذين يقدمون مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة. وكشف أنه تقدم بمقترح قانون للعفو العام عن بعض المعتقلين وفق ما يسمح به الدستور، إلا أن البرلمان لم يتفاعل معه بالشكل المطلوب.
وتحدث بلافريج بإشادة عن المنجزات الكبرى التي تحققت في المغرب، خصوصاً في مجالات البنيات التحتية والمشاريع العملاقة من طرق وموانئ ونقل وطاقة، معتبراً أنه “لا يمكن تبخيس ما تحقق من إنجازات وطنية مهمة”. لكنه في المقابل انتقد ضعف الأداء الاجتماعي، قائلاً إن الحكومة “تبدو عمياء في الجانب الاجتماعي مثل سابقاتها، ولا تزال العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق المجالية أكبر تحديين أمام البلاد.”
كما نوه بمجهودات الوزير السابق شكيب بنموسى في قطاع التعليم، وبالنموذج التنموي الجديد، وبمشروع القطار الفائق السرعة “البراق” الذي وصفه بأنه “رمز لطموح مغربي حقيقي نحو المستقبل”، قبل أن يتساءل قائلاً: “ومتى سيصل القطار إلى الحسيمة؟” في إشارة إلى التفاوت التنموي بين الجهات.
وانتقد بلافريج ضعف التواصل الحكومي خلال الولاية الحالية، معتبراً أن غياب الوضوح في الخطاب العمومي يضعف ثقة المواطنين في السياسات العامة، كما شدد على ضرورة محاربة الفساد بالفعل لا بالشعارات، قائلاً إن “هناك تغاضياً واضحاً عن تضارب المصالح، وعلى الإعلام العمومي أن يتحمل مسؤوليته في كشف الاختلالات.”
وأكد بلافريج أنه يساري معتدل يؤمن بالإصلاح الواقعي، مبرزاً أن الملكية البرلمانية هي الضمانة الأساسية لوحدة الوطن واستقراره، مضيفاً: “اللي بغا الجمهورية الله يعاونو، أما أنا فمقتنع بالملكية البرلمانية لأنها صمام أمان المغرب وضمانة استقراره.”
ودعا بلافريج شباب “جيل Z” إلى الانتقال من التعبير الافتراضي إلى التنظيم السياسي الفعلي، قائلاً: “إذا نجحتم في التعبئة وتحقيق مطالبكم، فعليكم التفكير في تأسيس حزب سياسي، لأنكم تمارسون السياسة اليوم بالفعل.” وأضاف أن المغرب يحتاج إلى وطنيين نزهاء داخل المؤسسات، مشيداً بوجود كفاءات تحمل هم الوطن وتعمل في صمت من أجل الإصلاح.
وفي ختام اللقاء، عبّر بلافريج عن إعجابه بوعي شباب “جيل Z” وقرارهم الوطني بتعليق احتجاجهم احتراماً للمؤسسات، معتبراً ذلك دليلاً على نضج سياسي متقدم، قائلاً: “أنتم منحتموني الأمل من جديد، المغرب أرض خصبة وفيه الخير الكثير، وأنا رهن الإشارة لأنني أؤمن بالفكر الجماعي.”
وأعرب بلافريج عن تفاؤله بالمستقبل السياسي للمغرب خلال سنة 2026، مؤكداً أن الخطابات الملكية في افتتاح البرلمان تحمل دوماً إشارات قوية للإصلاح والبناء، ومعبّراً عن تأثره بأول خطاب استمع إليه من داخل قبة البرلمان.
لقد شكل هذا اللقاء بين عمر بلافريج وشباب حركة “جيل Z” لحظة سياسية لافتة جمعت بين الصراحة، الوضوح، والدعوة إلى وعي وطني جديد، في زمن يحتاج فيه المغرب إلى جيل مؤمن بالإصلاح، بالديمقراطية، وبالملكية البرلمانية كركيزة للاستقرار والتقدم.