شهد مجلس النواب، مساء أمس الاثنين، جلسة تشريعية مفصلية صادقت خلالها الأغلبية على ثلاثة مشاريع قوانين تنظيمية تُعيد تشكيل بنية المنظومة الانتخابية، وذلك بحضور وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت الذي دخل في مواجهة مباشرة مع فرق المعارضة حول معايير الأهلية للترشح.
فقد أُقرّ مشروع القانون التنظيمي رقم 53.25، المعدّل للقانون 27.11 المنظم لمجلس النواب، بعد تصويت 164 نائباً لصالحه مقابل 9 معارضين وامتناع 41 عن التصويت. كما نالت مشروعا القانونين التنظيميين 54.25 المتعلق بالأحزاب السياسية و55.25 الخاص باللوائح الانتخابية وعمليات الاستفتاء واستعمال الإعلام العمومي في الحملات الانتخابية المصادقة بأغلبية مشابهة، مع تسجيل 50 امتناعاً.
وفي خطوة وصفتها الأغلبية بـ“الدفعة الإيجابية للشباب”، وافقت الحكومة على تعديل المادة 23 عبر خفض العتبة الانتخابية للوائح الشباب المستقلة من 5% إلى 2%، استناداً إلى محاكاة رقمية أكدت أن العتبة السابقة تشكل حاجزاً صعباً أمام الولوج إلى البرلمان.
غير أن النقاش الأكثر احتداماً انصبّ حول المادة 6 المرتبطة بموانع الترشح. المعارضة دافعت بقوة عن ضرورة احترام قرينة البراءة، معتبرة أن منع المتابعين أو المشتبه فيهم من الترشح قبل صدور أحكام نهائية يمسّ بالحقوق الدستورية.
لكن لفتيت رد بحزم، مبرزاً أن النص يستند حصراً إلى أحكام قضائية ابتدائية أو استئنافية صادرة عن مؤسسات دستورية، مؤكداً أن خطورة بعض الأفعال تستوجب ترتيبات فورية للحفاظ على نزاهة الانتخابات.
كما شهدت المادة 57 بدورها جدلاً، بعد مطالبة فريق العدالة والتنمية بفرض وصل تسلّم المحاضر لتعزيز الشفافية، فيما اقترح وزير الداخلية تمكين جميع المرشحين—سواء فازوا أو لم يفوزوا—من الحصول على نسخ كاملة من المحاضر لضمان المصداقية.
فرق الأغلبية اعتبرت أن حزمة الإصلاحات المطروحة تمثل “طفرة نوعية” عبر تخصيص لوائح جهوية للنساء، ومنح الشباب 75% من مصاريف الحملة، في خطوة تراها تعبيراً عن إرادة سياسية حقيقية لتوسيع المشاركة وترسيخ الشفافية.
في المقابل، أقرت المعارضة بما وصفته “العديد من الإيجابيات”، لكنها شددت على استمرار وجود اختلالات مرتبطة بالمناصفة وتشجيع الكفاءات، داعية إلى منظومة انتخابية أكثر عدلاً وقدرة على استعادة الثقة الشعبية.
وبين تباين المواقف وتقاطعات الرؤى، يتجه البرلمان نحو وضع إطار انتخابي جديد يروم تخليق الحياة السياسية وتعزيز تنافسية نزيهة، في سياق وطني يراهن على توسيع المشاركة وتعزيز الثقة في العملية الانتخابية.













