“أم الكردان”.. حين يكتب الروائي سيرة الجماعة من قلب الصحراء

هيئة التحرير13 يوليو 2025آخر تحديث :
“أم الكردان”.. حين يكتب الروائي سيرة الجماعة من قلب الصحراء

في ضيافة الساحل بريس

إعداد وتقديم: محمد الصغير

في حلقة جديدة من برنامجنا الحواري “في ضيافة الساحل بريس”، نفتح نافذة على العوالم الإبداعية والرموز الثقافية التي تسهم في صياغة الذاكرة والهوية المغربية، ونقترب اليوم من تجربة سردية لافتة تلامس تفاصيل الواقع وتُعيد تشكيله بلغة أدبية راقية.

حلقة اليوم متميزة، ليس فقط لأنها تستضيف أحد الأصوات الأدبية الصاعدة، بل لأننا نحتفي أيضًا بأول عمل روائي صحراوي يصل إلى القائمة الطويلة لجائزة كتارا للرواية العربية، وهي واحدة من أرفع الجوائز الأدبية في العالم العربي.

ضيفنا هو الكاتب والشاعر زين العابدين الكنتاوي، الذي اختار أن يعبُر من فضاء الشعر إلى فضاء الرواية، عبر عمله الأول “أم الكردان.. سيرة البلاد والعباد”. روايةٌ تحمل بين صفحاتها هموم الجماعة ونبض الأمكنة الجنوبية، وتُعيد بناء الذاكرة الشعبية بأسلوب سردي يمزج بين الذاتي والجماعي، وبين التخييل والواقع، في توليفة فنية تحمل الكثير من العمق والصدق.

في هذا الحوار، نحاول أن نفهم الدوافع التي قادت زين العابدين إلى كتابة الرواية، ونكشف بعض تفاصيل النص، ودلالات العنوان، وحدود العلاقة بين الكاتب ومجتمعه، كما نلامس بعض أبعاد تجربته الشخصية، وتوقعاته لما بعد “أم الكردان”.

كونوا معنا في هذا اللقاء الثقافي الخاص، حيث الكلمة تتنفس الصحراء، وتحمل صوت الإنسان في عمقه المغربي الأصيل.

🟠 محمد الصغير:

أستاذ زين العابدين، بدايةً، ما الذي دفعك إلى خوض تجربة الكتابة الروائية من خلال “أم الكردان”، وأنت شاعر في الأصل؟ هل كانت غايتك توثيق الذاكرة المحلية؟

🟢 زين العابدين الكنتاوي:

تشكّلت لدي، منذ طفولتي، علاقة قوية بالمحيط؛ أي بالمكان بكل حيثياته، حيث يؤسّس الإنسان لمعيشه الخاص وفق متطلبات بيئته ذات الخصوصية الطبيعية والثقافية والاجتماعية.
حاولتُ أحيانًا، من خلال الشعر، أن أنقل هذا الإحساس، وأحاول اليوم نقله من خلال الرواية.
دافعي إذن فني محض: كيف يمكنني أن أحكي عمّا أحسّ به وأستعيده من خلال تجربة الكتابة (شعرًا وسردًا)؟ من هنا جاء التفكير في الرواية بعد القصيدة.

🟠 محمد الصغير:

الرواية تحمل ملامح من سيرة فردية وسيرة جماعية في آنٍ واحد، هل نجد فيها شيئًا من سيرتك الذاتية؟ أم أنها تعبير عن صوت جماعي بصيغة أدبية؟

🟢 زين العابدين الكنتاوي:

ليست سيرة ذاتية البتّة.
بالمقابل، لا أتصور أن تخلو أي كتابة من رواسب ذاتية معيّنة (الماضي، الشخوص، الرؤى، المواقف…).
أما عن الصوت الجماعي، فالكاتب ابن بيئته بالضرورة.
أظن أن الرواية (والأدب عمومًا) كانت دومًا صوت الجماعة من خلال الفرد.
على هذا النحو، أقدّم اليوم للقارئ رؤيا للعالم من خلال المجتمع الصحراوي المغربي.

🟠 محمد الصغير:

كيف تعاملت مع التوازن بين التخييل الأدبي والواقع الاجتماعي والثقافي للمنطقة؟ وهل شعرت بأن هناك التزامًا مضاعفًا تجاه الواقعية؟

🟢 زين العابدين الكنتاوي:

أمارس الكتابة بتداعٍ حر، ولا أرتاح للوصاية النقدية على الأدب.
أفضل أن تتعدد القراءات للعمل الأدبي بتعدد خلفيات القراء.
يحضر الخيالي في الرواية كما يحضر الواقعي، بدون التزامات تُفقد النص حريته الفنية.

🟠 محمد الصغير:

العنوان يلفت الانتباه: “أم الكردان”.. لماذا هذا الاسم تحديدًا؟ وما دلالة حضور كلمة “أم” في عنوان الرواية؟

🟢 زين العابدين الكنتاوي:

“أم الكردان” قرية صغيرة في الجنوب الشرقي.
لا أظن أن “أم الكردان” هنا جاءت على سبيل التخصيص، وإن حضرت في الرواية توصيفات شبه متطابقة.
لكنني أرى أن لكل واحد منا “أم كردانه” الخاصة: ذلك العالم الصغير الذي شكّل جزءًا من شخصيته وماضيه.
أرجو أن يجد كل قارئ للرواية نفسه في تفاصيلها.

🟠 محمد الصغير:

ماذا أضافت لك تجربة “أم الكردان” على المستوى الشخصي والأدبي؟ وهل هناك أعمال مقبلة في الطريق؟

🟢 زين العابدين الكنتاوي:

الكتابة لحظة تصالح مع الذات، بأعطابها وطموحاتها، بتشكلاتها الوجدانية والمعرفية والثقافية.
أعتقد أنني قدّمت عملًا يُمثّلني، ويمثّل قطاعًا عريضًا من الشباب الصحراوي، وهو يتجسّد هويته في سياق التحولات المختلفة، من البادية إلى القرية فالمدينة.
أما عن الأعمال المقبلة، فطبعًا هناك مشاريع قادمة!

🟠 محمد الصغير:

كلمة أخيرة؟

🟢 زين العابدين الكنتاوي:

أشكر منبركم الكريم على هذه الحفاوة، وأشكر الداخلة، مدينةً وزمنًا، أن منحتني فرصة الكتابة وتشكيل هذا العمل.
ويشرّفني أن يكون “أم الكردان” أول عمل روائي صحراوي يصل إلى القائمة الطويلة لجائزة كتارا، وأن يحمل اسم المغرب عاليًا في محفل أدبي مرموق.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة