-1-(يتبع)
عبد الواحد بلقصري
باحث في علم الاجتماع السياسي
وضع المغرب منذ استقلاله سياسة هامة للتخطيط كانت تروم، خلال أكثر من أربعين سنة، الى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فأمدته بالمقومات الحقيقية لرسم مستقبله، ويتعين راهنا أن يتم تدعيم كل الأوراش التي تم إطلاقها في مرحلة أولى من أجل مواجهة الحاجيات المستعجلة (الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والمؤسساتية) بالالتفاف حول مشروع مجتمعي أراده صاحب الجلالة محمد السادس وتتبناه كل القوى الحية للأمة*1*.
وقد أسهمت السياسات القطاعية الإرادية المعتمدة حاليا في تنمية المغرب، بدرجات استدامة مختلفة، صيغت بتشاور مع الأطراف المعنية، وتشكل السياسات القطاعية توجهات لعمل مختلف الوزارات والقطاعات المعنية؛ إلا أنه ينقصها الانسجام والتنسيق وفق مسار منتظم يترجم انخراط المغرب في دينامية التنمية البشرية وحماية البيئة لمواجهة تحديات القرن.*2*
وتجب الإشارة إلى أن الحكامة العمومية للتنمية المستدامة، ولاعتبارات تاريخية بالمغرب، كما هو الشأن بالنسبة للعديد من الدول، ظلت نسقها الإدارة المكلفة بالتنمية المستدامة، ويتجلى رهان الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في التدعيم المستدام للانسجام من جهة، وتوسيع الحكامة التنموية المستدامة لتشمل مجموع الفاعلين المعنيين من جهة أخرى، حتى تكون الرؤية التنموية متشبعة بخاصية الاستدامة وتتقاسمها كل الأطراف. التزمت المملكة المغربية برفع تحديات القرن الواحد والعشرين من خلال اعتماد التنمية المستدامة، *3*
كمشروع مجتمعي وكنموذج تنموي جديد ومتجدد بفضل التوجهات المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وقد تكرس هذا الالتزام كخيار استراتيجي منذ ســـــــــــنة 1992 من خلال خطاب صاحب الجلالة بمناسبة انعقاد مؤتمر قمة الارض الأولى بريو البـــــــــــرازيلية عندما كان وليا للعهد انداك والذي رسم من خلاله رؤية للركائز الاساسية لبناء نــــــــــــــــــــــــــــموذج مجتمعي جديد.*4*
شهدت مرحلة 2011/2000 بتسريع الإصلاحات المؤسساتية، خاصة في شقها الاجتماعي الذي طال مدونة الأسرة، كما مكن تنفيذ المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من ارساء اسس هندسة اجتماعية فعلية وفق مسلسل قائم على منهجية تشاركية، وعلى المستوى الاقتصادي، منحت الاستراتيجيات القطاعية رؤية اوضح وسمحت بتوجيه دقيق وفعال للاستثمارات.
كما تعززت سياسة الانفتاح بدخول اتفاقيات التبادل الحر حيز التطبيق مع الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2004 والمنطقة العربية الكبرى سنة 2005 وتركيا سنة 2006 ودول اتفاقيات اكادير سنة 2007، وقد تعزز الجانب البيئي بالمصادقة على القوانين البيئة الكبرى مثل القانون 11/03 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة، وقانون الهواء بالإضافة لبرامج دعم العمل البيئي.
المراجع والهوامش :
1- استراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في أفق 2030، ص 101
2- المملكة المغربية، السياسة البيئية الوطنية وأهداف التنمية المستدامة، 2017.
3- الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في أفق 2030، ص 10.
4- الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في أفق 2030.ص15