بقلم : أحمدو بنمبا
“أنا لا أشرب من ماء الصنبور ، فهي ذات طعم مر ، وبدل ذلك استخدم المياه المصفاة و المعبئة داخل قنينات 5 ليتر في كل احتياجاتي من شرب وطبخ”، هذا ما قاله مواطن مؤكدا أن مياه الشرب الموزعة عبر الشبكة العامة غير صالحة خصوصا بعد إنتشار خبر الإختلاطات المتكررة للصرف الصحي في أحياء عدة من المدينة ما جعل المياه ذات رائحة كريهة ، وغير صالحة للشىرب بتاتا !
هذه هي نظرة إحدى المواطنين لمياه الشرب في مدينة الداخلة ، عدم الثقة والشك بها، هو السمة الغالبة على الكثيرين ، وهذا الأمر أدى إلى ظهور العشرات من محلات التحلية و شركات بيع فلاتر التي انتشرت باعداد كبيرة في مختلف مناطق المدينة ، والتي ازدهرت تجارتها وراجت وأصبح لها زبناء بالعشىرات إن لم نقل المئات ، مستغلين جهل المواطن بخصوص كميائية المياه ، فهل ياترى تستجيب هذه المياه المصفاة للمعايير الصحية ؟
مراقبون استطاعو إلقاء الضوء على الآلية التي تنتهجها بعض محلات بيع الماء المصفى ، حيث رصدو ما تقوم به هذه المحلات من استغلال لجهل المواطن بخصوصيات الماء ، فلا تتفاجئ بأن تقوم هذه المحلات بأخذ مياه الحنفية ، وتجري عليها عملية فصل للمواد الأمر الذي يجعل الماء ذو طعم حلو وبهذا يعتقد المواطن أن المياه التي يوزعها المكتب الوطني للمياه الصالحة للشرب ، غير صالحة ، ما يدفعه لشراء الفلتر ، الذي باعتقاده سيعالج ملوحة المياه وتلوثها ؟
هذا المنحى الذي سلكته الكثير من المحلات والمقاهي ، أفقد الكثير من المواطنين ثقتهم بالمياه الحكومية ، وبالتالي بدأت الإشاعات والبلبلة ، تنتشر حول سلامة مياه الشرب ، ما يجعل المكتب الوطني ومديرية الصحة في مرمى سهام المواطن ، حتى يفعلوا الأدوار المنوطة بهم ، وإطلاع المواطن على المشاكل التي يتصبب فيها الماء المصفى ، فمديرية الصحة مدعوة اليوم إلى تشديد الرقابة الصارمة وتتبع منتجي هذه المياه المصفاة ، و ما قد تتسبب فيه من مشاكل صحية للمرضى وكبار السن ، والتي بطبيعة الحال تباع جهارا نهارا في محلات مخصصة لهذا الغرض ومقاهي تقدمها كبديل إقتصادي للمياه المعدنية المعتمدة في إنتاجها على شروط و معايير السلامة الصحية ، ما قد يوهم المواطن بعدم صلاحية مياه الشرب المزودة إليهم من خلال الشبكة العامة ، ويرجح في أذهانهم فكرة أن المياه المصفاة أكثر فائدة على صحتهم .
إن هذا الإنتشار الواسع لمحلات تصفية المياه بالداخلة ، لم يكن سابقا يقول (التيجاني) صاحب محل للمياه المحلاة ، أنه منذ ثلاث سنوات لم يكن لديه أدنى فكرة باستئجار محل وشراء أجهزة للتصفية (فيلترات) وإنتاج الماء وبيعه ، “ فمنذ سنوات، بدأ المواطن يشعر بأن المياه التي يشرب منها ، باتت غير مؤهلة للشرب، وتعاظمت المشاكل مؤخرا بعد إختلاط الماء الشروب بالواد الحار ، ما أفقده الثقة كثيرا في المياه الموزعة عبر الشبكة العامة ”.
ليس هذا فحسب، فمحال تحلية المياه ، أخذت في الانتشار من دون حسيب ولا رقيب في جميع مناطق المدينة ، وأصبح معظم المواطنين من المشتركين في خدمة شراء المياه وتوصيلها للمنازل عن طريق عبوات تصل سعتها إلى خمس لترات أو عشرة ، و هنا يقول (التيجاني ) ، “عند افتتاحنا للمحل لم نكن نتوقع كم العمل الكبير الذي ينتظرنا ما دفعني وحفزني إلى التفكير في إقامة محل آخر بحي أخر ”.
وفي ذات السياق يرى البعض من المواطنين عكس ما تقدم ، بأن مياه الشرب التي تُضخ عبر الشبكات العامة للمواطنين أكثر أمناً من مياه محطات التحلية، لاستخدامها مادة الكلور المعقمة ( كلورين ) في مياه الشرب التي تعمل على قتل التلوث الجرثومي، ما يترك طعما ورائحة لا تؤثر على الصحة في مياه الشرب وفق مواصفة مياه الشرب ، إلا إذا استخدم بتراكيز عالية وهنا الخطورة على الصحة ، فاختلاف نسب الأملاح المستعملة في مياه الشرب العامة عن مياه التحلية ليس لها تأثير صحي على الإطلاق”، بإعتبار أن طعم المياه مختلف بعد التعقيم ، ” فمحلات التحلية تقوم بإزالة كاملة أو جزئية، لكثير من المواد ، بحيث تصبح المياه حلوة الطعم ، فاقدة لكثير من المواد المهمة”.
وفي المقابل يرى أخرون ، أنه لو أجريت عمليات فحص على عينات من مياه الشرب التي تباع بالمحلات المخصصة لهذا الغرض ، لا أثبتت عدم صلاحيتها ، وحتى العبوات التي تشحن فيها قد تكون مكانا خصبا لتكاثر البكتيريا التي قد لا تصيب الأشخاص الأصحاء ، لكنها تؤثر على كبار السن والمرضى والأطفال، وتؤدي إلى احتمالية التسبب بالسخونة والرجفة لمرضى الفشل الكلوي الذين يقومون بعملية غسيل الكلى ، ما يحتم على الجهات المعنية والمصالح المختصة ، إلزام محلات التنقية وتحلية المياه بتطبيق المواصفات المعايير المعتمد للمياه ، وأخذ عينات لإرسالها للمختبرات بغرض إجراء تحليلات مخبرية على عينات المياه المستهلكة ، ومراقبة نوعية المياه بدءا بالمصدر المائي وخلال مروره في خزانات المياه ومصدر الضخ والمعالجة حتى وصوله للمستهلك.