بدر شاشا
في عمق الثقافة المغربية تتردد عبارة “الدنيا تغر وتضر ثم تمر” لتلخص مفهومًا عميقًا حول طبيعة الحياة والتجارب التي نمر بها. فالدنيا، بما فيها من إغراءات وجماليات، تَغرّ النفس بجاذبيتها وسحرها، تشدنا نحو أهداف مادية وأحلام قد تبدو براقّة. لكن حين نقترب منها، ندرك أحيانًا أنها تخفي أيضًا مشقة وعثرات وأحيانًا ضررًا يمسنا ويمس من حولنا. ورغم ذلك، تبقى حقيقة واحدة مؤكدة: أن هذه الحياة تمر، ولا شيء يبقى فيها على حال.
ففي المجتمع المغربي، وكما في العديد من الثقافات، نشأ الناس على فهم عميق لهذه الحكمة، وترسخ فيهم إدراكٌ بأن السعي وراء الدنيا له حدود، وأن الفرح والحزن، النجاح والفشل، جميعها عابرة. هذا الإدراك يدفع الناس إلى التوازن؛ فلا إفراط في التعلق بالأشياء ولا تفريط في تقدير أهميتها. بهذا التوازن، يصبح العيش أكثر هدوءًا وسلامًا، فالناس يعرفون أن كل شيء زائل، وأنهم، في نهاية المطاف، يملكون قلوبهم وأرواحهم فقط.
يمثل هذا المبدأ أيضًا دعوة للتأمل في قيمة الأشياء، وأن يختار الفرد ما يبني مستقبله الروحي والنفسي بدلًا من الانجرار وراء الوعود الزائفة التي قد تنتهي بخيبات. الدنيا، بمغرياتها، تفتح أمام الناس طرقًا متنوعة، بعضها يقود للنجاح والسعادة، وبعضها قد ينتهي بالأسى. لكن الفهم العميق لـ”الدنيا تغر وتضر ثم تمر” يُمكِّن الناس من السير بحكمة في طريق الحياة، وعيشها بشكل متزن، والاعتراف بأن السعادة ليست في جمع المال أو الوصول لأعلى المراتب، بل في راحة النفس وهدوء الروح.