الدولة في زمن كورونا

هيئة التحرير12 أبريل 2022آخر تحديث : الثلاثاء 12 أبريل 2022 - 10:24 صباحًا
هيئة التحرير
مختارات
الدولة في زمن كورونا

حظيت فكرة الدولة بعناية اسثتنائية منذ الاغريق وإلى أزمنة الحداثة المعاصرة ،وقد درس الفلاسفة وعلماء الاجتماع القدماء والحديثون على استجلاء حقيقة هذا الكائن ،جلهم انتهى الى تصور الدولة بوصفها ضرورة وجودية بحضور الإنسان في الزمان والمكان ،وقد أكد المؤرخ الفرنسي جاك دونديو فابر إلى القول بأن معنى الدولة صعب التعريف فهي -عنده-أشبه بمزيج معقد من الكبرياء والتواضع ومن السلطة الشخصية والنظام المقبول .

وبالرغم مما يستشفه مصطلح الدولة من إجراءات تأويلية فإن التحري المتأني عن المعاني اللفظية الصرفة لمدلوله يتعدى بعده اللغوي الذي شاع في الغرب مع بدايات عصر النهضة ،ومفهوم الدولة يحتمل العديد من العناصر الضرورية المتداولة كالثباث والاستقرار وقد شكل هذا المفهوم اطروحات تفسيرية في تاريخ الفكر السياسي ،حيث ان مفهوم الدولة عرف العديد من الارهاصات منها ما ارتبط بالحداثة واحقابها ومنها ما شكلت فلسفة الحقوق اهم سماته ومنها ما تعلق بأنظمة العلمانية والقومية والاشتراكية والبيروقراطية والشمولية والفاشية والرعاية والسيادة والعالمية المنسجمة وما بعد الحداثة والفوضوية والمركبة والموجهة…

وفي ظل التحولات المعرفية والعلمية التي يشهدها العالم منذ نهاية القرن العشرين شهد هذا المفهوم تحديات كثيرة بفضل بروز العولمة التي أضحت تنقص من قيمة الدول ،حيث اصبحت مسلمة كثيرا من الاسواق قليلا من الدول هي السمة الغالبة في المجتمع الدولي بفضل هيمنة الشركات المتعددة الجنسيات والاشتراطيات السياسية للمؤسسات المالية المانحة ،وازدياد الفساد وتهريب الاموال في الدول العالمثالثية ،دون أن ننسى هيمنة النظام العالمي الأوحد بزعامة الولايات المتحدة الامريكية أو ما أطلق عليه أمركة العالم ،وقد أكدت  العديد من المشاريع المعرفية للعديد من النخب الفكرية خلال اضمحلال الدولة بمفهومها التقليدي وظهور ما يسمى بدولة الرعاية ،لكن زمن  كورونا ساهم في إعادة الاعتبار للثقافة الدولتية ولمقاربة ان الدول هي الحامية للمواطنين وهي رمز للثباث والاستقرار والرعاية ،بالرغم مع أنه ارتبط بمفهوم الدولة الاجتماعية بحكم أن السياسات الاجتماعية اصبح لها دور كبير في تحقيق الأمن والاستقرار والطمأنينة وإعادة الثقة بين الدولة والمجتمع .

وبالرغم من بروز ثقافة المبادرة الحرة والمجتمع الذرري في زمن معولم لايرحم فإن الثقافة الدولتية في زمن كورونا أصبح لها الدور المركزي والمحوري ككيان لا يمكن الاستغناء عنها باعتبارها أساس تحقيق التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية لجميع المواطنين والمواطنات .

sahel

إعداد :عبد الواحد بلقصري   

باحث  بكلية العلوم الانسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل 

لائحة المراجع والهوامش:

-انظر محمود حيدر “الدولة فلسفتها وتاريخها من الإغريق إلى مابعد الحداثة “سلسلة مصطلحات معاصرة -المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية ط-1 سنة 2018

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة