بقلم : محمد الصغير
لا يخلو المشهد السياسي في الحكومات كما في المجالس المنتخبة من فئتين : فئة الموالاة وفئة المعارضة فهذه الأخيرة موضوع مقالنا اليوم فهي لا تعتبر منحة من الدولة أو الحكومة أو النظام أوالمؤسسات والأجهزة ، بل هى عمل نضالى طويل ومتراكم، وتضحية مستمرة من خلال التحركات وسط الناس ومعرفة أحوالهم ومطالبهم والذوذ عن مصالحهم .
ففي حالة جهة الداخلة وادي الذهب لا توجد معارضة بالمفهوم السياسي التي تعارض المخططات الغير هادفة مثلا أو المشاريع التي لا تلامس الواقع أو البرامج الغير موجهة بل إختارت القوى السياسية عموما التمحور حول الفراغ السياسي من زاوية المعارضة ، وباتت المعارضة معندمة حتى أصبح المواطن يقنع نفسه أنه لا يجب أن يظل مقتنعا بأنه يدرك ما لا يريد ، وأنه يجب أن يتطلع بدور المعارضة من الخارج حتى يثبت أنه قادر على تحقيق ما يريد فى إطار الظروف الموجودة والأليات المتاحة والأهداف المسطرة لخدمة الصالح العام .
إنه وبعد حدث التوافق السياسى الكبير بالمجالس المنتخبة بجهة الداخلة وادي الذهب ، إلا أن النتيجة الفعلية كانت هي حصول الأحزاب الثلاثة المشكلة للحكومة على المناصب كذلك محليا وتسيد المشهد السياسي المحلي ، هذا الذي إنكشفت فيه لعبة النخب والأحزاب والتيارات السياسية ، بسبب عدم وجود مشروع سياسى إجتماعي شامل لديها يلامس متطلبات المواطن ، وقادر على جذب قاعدة جماهيرية أكثر وأكثر وتحقيق ما عجزت عنه المجالس الفارطة في إرضاء المواطن وتحقيق مطالبه الإجتماعية !؟
فالمعارضة لابد منها لأنها هي السبب في معالجة وتوجيه القوى السياسية إلى ما فيه صالح المواطن ، فلو تركت هذه المجالس المنتخبة بدون معارضة لسعت إلى إرضاء حلفائها، عبر طرح رؤى قابلة للتنفيذ تهمهم فقط ، ورصد حقيقى لواقعهم بدل واقع المواطن ؟ ثم طرح التصورات الواضحة والعملية للحلول المقترحة والتي تمسهم هم فقط ، وفقا للإمكانيات المتاحة ، ما يجعل مطلب المعارضة مطروحا أكثر من أي وقت مضى حتى ترجع المياه إلى مجاريها ويكون التنافس حول إرضاء المواطن لا إرضاء الساسة والمنتخبين ؟!
إن ثقافة المعارضة يجب أن يتشبع بها كل الفاعلين وبكل ألوانهم ومشاربهم لأجل التقويم والمحاسبة والتوجيه لا أن تبقى حكرا على السياسي مثلا في حالة المجالس المنتخبة بجهة الداخلة وادي الذهب ، فقليلة هي المعارضة داخل هذه المجالس وإن كانت ، فإن هدفها هو الإسقاط والإزاحة الكاملة ، وبالتالي إختفت ثقافة المعارضة الحقيقية الهادفة إلى الإصلاح و المدافعة عن مطالب ومساعي المواطن ، وبالتالي بات الباب مفتوحا أمام المعارضين والمعارضات من خارج المجالس المنتخبة كالمجتمع المدني النشيط ، والإعلام الإلكتروني الحقيقي ، والصفحات الفيسبوكية المعروفة المعالجة لا المزيفة أوالمحاربة بأسماء مستعارة ، و الوقفات الإحتجاجية المهيكلة ، ثم معارضة وضع العرائض لدى المصالح المختصة ، وكذا الأقلام الموجهة والكتاب المعالجين لا الناقمين والمتعجرفين… وغيرها من الأساليب الأخرى المتاحة ..! حتى لا يبقى مقعد المعارضة هشيما تذروه الرياح وينسى السياسي نفسه أن من وضعه في ذاك المنصب هو المواطن ؟!