شاشا بدر
يخطو المغرب بثبات نحو مستقبل طاقي مستدام يرتكز على مصادر نظيفة ومتجددة، ومن بين أبرز هذه الرهانات الواعدة يأتي الهيدروجين الأخضر كخيار استراتيجي يتماشى مع التحولات العالمية في مجال الطاقات البديلة. فمع تزايد الحاجة إلى حلول طاقية صديقة للبيئة، يتجه المغرب نحو الاستثمار في هذا المجال كركيزة أساسية لتعزيز أمنه الطاقي وتقليص اعتماده على المصادر التقليدية
يمتلك المغرب مقومات طبيعية وبشرية تؤهله ليكون رائداً في إنتاج الهيدروجين الأخضر، إذ يتميز بموارد هائلة من الطاقة الشمسية والريحية التي تعدّ ضرورية لإنتاج الهيدروجين من خلال التحليل الكهربائي للماء. كما أن موقعه الجغرافي الاستراتيجي بالقرب من الأسواق الأوروبية يمنحه ميزة تنافسية تتيح له لعب دور محوري في تزويد القارة العجوز بالطاقة النظيفة في المستقبل القريب
الاستثمار في هذا المجال لا يقتصر فقط على إنتاج الهيدروجين، بل يمتد إلى تطوير بنية تحتية متكاملة تشمل إنشاء محطات إنتاج ونقل وتخزين الهيدروجين، إضافة إلى الصناعات المرتبطة به مثل تصنيع خلايا الوقود وتطوير التكنولوجيا اللازمة لتحسين كفاءة الإنتاج. هذا التوجه يتماشى مع الرؤية الوطنية الرامية إلى جعل المغرب مركزاً إقليمياً للطاقة الخضراء وجذب الاستثمارات الدولية التي تبحث عن أسواق ناشئة تتمتع باستقرار سياسي ومؤهلات طبيعية ملائمة
الرهان على الهيدروجين في المغرب ليس مجرد خيار اقتصادي، بل هو خطوة استراتيجية نحو تحقيق التنمية المستدامة وتقليل الانبعاثات الكربونية، مما يعزز مكانة المملكة كلاعب رئيسي في التحول الطاقي العالمي. ومع دخول الشركات الدولية والمشاريع الضخمة حيز التنفيذ، يصبح من الواضح أن المغرب يستعد ليكون أحد الأقطاب الرائدة في هذا المجال، مما سيمكنه من خلق فرص اقتصادية جديدة ودعم نمو صناعات محلية قائمة على التكنولوجيا المتقدمة
تحقيق هذا الطموح يتطلب سياسات داعمة وتشجيع البحث العلمي والابتكار في هذا المجال، إضافة إلى توفير إطار قانوني وتنظيمي يشجع على الاستثمار ويضمن تنافسية المغرب في سوق الهيدروجين العالمي. كما أن تعزيز الشراكات مع الدول الرائدة في هذا القطاع سيكون عاملاً حاسماً في نقل المعرفة والتكنولوجيا اللازمة لتطوير هذه الصناعة الواعدة
في ظل التحولات العالمية نحو الطاقات النظيفة، يبرز الهيدروجين كرهان مستقبلي للمغرب، ليس فقط لضمان أمنه الطاقي، ولكن أيضاً لتعزيز مكانته الاقتصادية على المستوى الدولي. وإذا استمر في هذا النهج الطموح، فإنه بلا شك سيصبح أحد الفاعلين الأساسيين في الاقتصاد الأخضر العالمي، مما يفتح آفاقاً واسعة للتنمية والاستدامة
