بين إكراه السكن وصعوبة التنقل.. هل تُجهّز بقع “السعادة 1/2” قبل انطلاق الميناء الأطلسي؟

هيئة التحريرمنذ 3 ساعاتآخر تحديث :
بين إكراه السكن وصعوبة التنقل.. هل تُجهّز بقع “السعادة 1/2” قبل انطلاق الميناء الأطلسي؟

مع اقتراب موعد انطلاق الأشغال التشغيلية بالميناء الأطلسي الجديد للداخلة، يتجدد النقاش المحلي حول مدى جاهزية المناطق السكنية القريبة منه، خاصة تجزئتي السعادة 1 والسعادة 2، اللتين تُعدّان الأقرب جغرافيا إلى هذا المشروع الوطني الضخم.

فرغم أن هذه التجزيئات تم توزيعها خلال فترة تولي الوالي لامين بنعمر مسؤولية الجهة، بهدف خلق نواة سكنية متاخمة للميناء المستقبلي، إلا أن واقع الحال اليوم يكشف أن عملية التجهيز ما تزال تراوح مكانها. فلا رسم تخطيطي ، ولا شبكات ماء وصرف صحي مكتملة، ولا تجهيزات أساسية تُشجّع المستفيدين على البناء والاستقرار.

وفي الوقت الذي يتحدث فيه الجميع عن انطلاقة الميناء الأطلسي كمحرك للتنمية الإقليمية، تبرز إشكالية أساسية:
كيف يمكن للعاملين والمستثمرين أن يتنقلوا يوميًا بين الداخلة والميناء الذي يبعد أكثر من 40 كيلومترًا، في غياب حافلات النقل الحضري أو بدائل نقل جماعي ميسّرة؟
إنها معادلة تجمع بين إكراه السكن وإكراه النقل، وتفرض على الإدارة المحلية التفكير في حلول عملية قبل أن تتحول هذه الإكراهات إلى عائق أمام التنمية المنشودة.

مخاطر التأخر وغياب الرؤية

إن تأخر تجهيز مناطق السعادة يفرغ المشروع من أحد أبعاده التنموية الأساسية، وهو خلق نسيج عمراني واقتصادي متكامل حول الميناء.
فمن غير المقبول أن يتحول الميناء إلى منشأة اقتصادية ضخمة معزولة عن محيطها، فيما تبقى الأراضي المجاورة له أراضٍ خامًا غير مستغلة.
هذا التأخر لا يمس فقط الجانب العمراني، بل يحدّ من فرص التشغيل والاستثمار، ويؤخر ظهور الخدمات التجارية والاجتماعية التي ترافق عادة مشاريع الموانئ الكبرى.

رؤية للحل: من التخطيط إلى التنفيذ

الحلول لا تبدو معقدة، لكنها تحتاج إرادة تنفيذية واضحة وجدولة زمنية دقيقة تمتد من الآن إلى نهاية سنة 2028.
وأول خطوة ينبغي أن تكون تسريع تجهيز تجزيئات السعادة 1 و2 عبر توفير البنية التحتية الأساسية (الطرق، الماء، الكهرباء، التطهير).
كما يُستحسن وضع مخطط عمراني خاص بالمحيط المباشر للميناء الأطلسي، يأخذ بعين الاعتبار طبيعة النشاط الصناعي والتجاري المتوقع، ويُنشئ فضاءات سكنية ملائمة للأطر والعمال والمقاولات.

في المقابل، يجب أن تُفتح شراكات بين القطاعين العام والخاص لتوفير برامج سكنية موجهة للعاملين بالميناء، مع التفكير في إنشاء خط نقل حضري دائم يربط الداخلة بالميناء مرورًا بمناطق السعادة، مما يخفف الضغط ويشجع على الاستقرار.

بين طموح الميناء الأطلسي وإكراهات الواقع، يبدو أن الوقت قد حان لتتحرك الإدارة المحلية بجدية لتأهيل المناطق المجاورة له قبل حلول سنة 2028.
فالميناء مشروع استراتيجي ناجح ، الا أنه واذا وُلدت حوله حياة عمرانية واقتصادية متكاملة، ستجعل من السعادة عنوانًا لحركة جديدة من التعمير والتنمية، لا مجرد أراضٍ تنتظر من يُحييها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة