يبدو أن بحر الأرقام لا يقل تقلباً عن أمواج الأطلسي والمتوسط، فبين ارتفاعٍ مبهر في بعض الأصناف وتراجعٍ لافت في أخرى، قدّم قطاع الصيد الساحلي والتقليدي بالمغرب أداءً متبايناً خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2025، وفقاً لأحدث تقارير المكتب الوطني للصيد.
فقد بلغت قيمة المنتجات المسوقة نحو 8,2 مليارات درهم، رقمٌ يعكس استمرار الدينامية التجارية للقطاع، لكنه يخفي خلفه تراجعاً طفيفاً بنسبة 3 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية، فيما انخفض الوزن الإجمالي للكميات المفرغة إلى 814 ألفاً و742 طناً، أي ناقص 13 في المائة على أساس سنوي.
ورغم المنحى العام للتراجع، إلا أن بعض الأصناف شكّلت نقاط ضوء بارزة؛ إذ قفزت قيمة الصدفيات بنسبة مذهلة بلغت 1,166 في المائة، وحققت الطحالب ارتفاعاً بـ30 في المائة، بينما سجلت الأسماك البيضاء نمواً بـ8 في المائة.
في المقابل، واصلت الأسماك السطحية والرخويات والقشريات مسار الانكماش، بتراجعات بلغت 7 و5 و3 في المائة على التوالي.
أما من حيث الكميات، فقد عرفت الصدفيات ارتفاعاً لافتاً بـ1,241 في المائة لتبلغ 599 طناً، فيما تحسنت مؤشرات الطحالب (+24%) والأسماك البيضاء (+11%)، مقابل تراجع الرخويات (-17%) والأسماك السطحية (-16%) والقشريات (-9%).
إقليمياً، يظهر الفارق واضحاً بين واجهتي المملكة البحرية؛ إذ سجلت الموانئ المتوسطية انتعاشاً طفيفاً في حجم المفرغات بنسبة 5 في المائة لتصل إلى 12,571 طناً، مع ارتفاع في القيمة إلى 577 مليون درهم (+3%)، بينما واصلت موانئ المحيط الأطلسي منحاها التراجعي، بانخفاضٍ في الكميات إلى 802,172 طناً (-13%) وتراجعٍ في القيمة إلى 7,62 مليارات درهم (-3%).
ويخلص التقرير إلى أن قطاع الصيد المغربي يعيش بين مدٍّ وجزر؛ فبينما تُنعش الصدفيات والطحالب عائداته، تفرض الأسماك السطحية والرّخويات ضغطاً على موازنته العامة، في مشهدٍ يعكس واقع قطاعٍ حيوي يبحر بثباتٍ وسط أمواجٍ متقلبة.
