أحمد ولد المرابط
قد يتساءل المهتمون بقطاع الصيد في جهة الداخلة وادي الذهب ، الجهة الأكبر إحتياطيا من الأسماك والرخويات، عن الاسباب الحقيقية التي جعلت وزارة الصيد البحري تقلص وتقزم دور السيدة زكية الدريوش داخل الوزارة مع العلم أنها هي السيدة الوحيدة العارفة بخبايا القطاع ومشاكله ، وصاحبة العصا السحرية في حلحلة الكثير من المشاكل العويصة التي تحول دون تطور القطاع وبلوغ أهدافه في الإستدامة .
قد يكون لنازلة تقليص دور الكاتبة العامة الدريوش ، علاقة شبه مباشرة بإيقاف الكثير من الملفات الحساسة التي تورط شخصيات مستثمرة في القطاع منذ زمن بعيد ، إلا أن هذا لا يمنعنا من التساؤل عما اذا كانت هناك اسباب اخرى تجعل هاته السيدة حلقة في بلعم المستثمرين حتى يتحالفو عليها من داخل الوزارة ، كي لا تستمر في عملها الذي ساهم في توقيف عجلة الإستبداد والفساد الذي سطر ورقته التأطيرية لوبي الصيد البحري المتحكم ؟
إنه وفي نبشنا وبحثنا في الموضوع تأكد لنا ومن مصادر مهنية محلية على ان هناك صراع داخل الوزارة بين لوبيات الصيد بأصنافها وأشكالها ، وأن تمسك عزيز اخنوش الوزير السابق للقطاع بزكية الدريوش، لم يكن إعتباطيا بل كان لأهداف تتمثل في انتشال القطاع من وحل اللوبيات المتصارعة داخل ذات القطاع تحت غطاء أنا ومن بعدي الطوفان ، وكذلك قطع الطريق أمام كل الفاسدين ، لتبقى الوزارة ذات سيادة حقيقية على القطاع لا أن تكون من وزارة بالإسم وفي كنفها وزارات صغيرة كل واحدة منها فيها ممثل للوبي يدافع عن مصالحه فقط ويضرب في مصالح الأخرين ، والذي لا قدر الله قد يدفع بالقطاع الى الهاوية و يتحول البحر الغني بالأسماك الى بركة تسبح فيها الضفادع .
هيئات مهنية طالبت الجهات المسؤولة بوضع حل للتدبير الكارثي لقطاع الصيد البحري، وعدم ادخال بعض الأسماء في القرارات التي تحمل طابعا وزاريا كما وقع مع مركب منتصر وصيده لجراد البحر ،والتي اعتبرها البعض من المهتمين بالشأن البحري فضيحة من العيار الثقيل ، في الوقت الذي كان يمكن أن يتجاوز الوزير هذا المأزق الذي وضعه فيه صاحب المركب المتورط في صيد الجراد بسواحل جهة الداخلة وادي الذهب ، فلو إفترضنا أن الكاتبة العامة تتمتع بصلاحياتها لما وقعت الوزارة في هذه الهفوة .
زكية الدريوش نموذج المرأة الحديدية التي تقلدت منصب الكاتبة العامة لسنوات تميزت بالتدبير الناجع لقطاع الصيد ، ولم تشهد حقبتها كوارث كما يقع الأن بعد تقليص دورها ، وأضحى القطاع مستباحا يستفد منه بعض الاشخاص المعروفين بانشطتهم () بين قوسين على طول الشريط الساحلي الممتد من اكادير الى الداخلة ، فبات القطاع بين ليلة وضحاها مرتعا للإستثمارات المستنزفة للثروات البحرية ، وهو ما قد يفوت على الدولة مئات الملايير من الدراهم لو تم تجاوز هدف إستدامة الصيد والذي خطته الكاتبة العامة زكية الدريوش بمداد من ذهب وضحت من أجله .
لوبيات داخل الوزارة تتخد من تقليص دور الكاتبة العامة منهجا واضحا لمواصلة تدميرها للثروة السمكية ، والوقوف ضد القرارات التي لا تخدم مصالحها والضغط على الوزير الغير عارف بخبايا القطاع من أجل أن يوافق لهم في كل ما يخدمهم هم لا ما يخدم القطاع ومهنييه ويحافظ على البيئة البحرية من الإستنزاف الممنهج و أيادي البطش التي تأتي على الأخضر واليابس .
و في هذا المنحى تقول مصادر مهنيه أن الوزير محمد صديقي يعتمد في البعض ان لم نقل جل قرارات الصيد على كمال صبري هذا الإسم العارف جيدا بما يدور داخل الوزارة ، بحكم منصبه كرئيس لغرفة الصيد الأطلسية ومستثمر في القطاع ، ما جعل قرارات الوزير تخدم البعض فقط ، ولن تستقيم الأمور حتى يتم إشراك الكل في اتخاذ القرارات التي تهم الدفع بالقطاع بعيدا عن جشع اللوبيات التي لا تهتم إلا بمصالحها فقط ، حيث أن مراجعة العديد من الامور في هذا الوقت بالذات لا يمكن الا بتصحيح المسار وتنقية الوزارة من اللوبيات المتحكمة ، و معرفة كل من له يد في تدمير الثروات البحرية ومحاسبته .
و لان اللوبي الذي يعرفونه المهنيون بالقطاع البحري ، على ارتباط غير مباشر برئيس العرفة الأطلسية كمال صبري ، فقد استطاع ان ينجح في انتزاع رخصة جراد البحر قبل أسابيع لولا تحرك بعض الأشخاص المهنيين ومرصد مكافحة الرشوة الذي كشف الكثير من الأمور لم تكن ظاهرة ووضع حد لهذا الأسلوب الجديد في الوصول الى الثروات البحرية واستنزافها ضربا في هدف الإستدامة الذي دعت إليه الكاتبة العامة ومزالت تدعو له رغم تقليص إختصاصاتها ، المرأة الحديدية التي حملت وزارة الصيد البحري على كتفيها لعقد أو أكثر من الزمن .