حين تُصبح المصافحة بياناً سياسياً: بنكيران يهاجم والي كلميم ويدافع عن كرامة المنتخبين

هيئة التحريرمنذ 3 ساعاتآخر تحديث :
حين تُصبح المصافحة بياناً سياسياً: بنكيران يهاجم والي كلميم ويدافع عن كرامة المنتخبين

في لحظة خاطفة، تحوّلت مصافحة غائبة إلى عنوان عريض للنقاش السياسي والإداري بالمغرب. خلال احتفالات الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء في كلميم، تجاهل والي الجهة، محمد الناجم أبهاي، مدّ يد النائب الثاني لرئيس المجلس الجماعي، عبد الله النجامي. مشهد بسيط في ظاهره، لكنه أطلق شرارة جدل امتد من الميدان إلى المنابر السياسية.

عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، لم يتردد في التقاط الخيط. في المنتدى السياسي الثامن لشبيبة حزبه، وجّه نقداً حاداً للوالي، واصفاً تصرفه بـ”غير اللائق” و”المتناقض مع رمزية تمثيل جلالة الملك”. كلمات بنكيران لم تكن مجرّد تعليق عابر، بل أقرب إلى تذكير أخلاقي بحدود السلطة وآدابها. دعا وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت إلى التدخل، ملمّحاً إلى أن الصمت في مثل هذه الحالات قد يُفهم رضىً أو تواطؤاً.

بنكيران، وهو الذي خبر دواليب الحكم واحتك برجال السلطة في زمن رئاسته للحكومة، عاد بذاكرته إلى واقعة قديمة: حين أساء عاملٌ لأحد رجاله المقرّبين، الراحل عبد الله بها، فتدخّل الملك بنفسه لإحقاق الصواب. يستحضر بنكيران الحكاية وكأنه يقول: “السلطة لا تعني التعالي، بل الانضباط لما يليق بها.”
وفي جملته التي تلخّص الموقف كله، قال: “العداوة ثابتة، والصواب يكون.”

الكتابة الجهوية لحزب العدالة والتنمية بدورها دخلت على الخط، ووصفت تصرف الوالي بأنه “إساءة لصفة انتدابية” و”خرق لروح الاحترام المتبادل بين المؤسسات المنتخبة والسلطات الترابية”. البيان الحزبي ذهب أبعد من الإدانة، فربط الحادثة بما وصفه “توتراً خفياً” بين المنتخبين وبعض مسؤولي الإدارة الترابية، بسبب ملفات تنموية مؤجلة ومشاريع لم ترَ النور بعد.

في كلميم، كما في غيرها من المدن، تبقى العلاقة بين المنتخب والسلطة امتحاناً دائماً لتوازن رقيق: من جهة، مسؤول يمثّل الدولة؛ ومن جهة أخرى، منتخب يجسّد الإرادة الشعبية. وحين تغيب المصافحة، لا يغيب فقط التقدير، بل تُفتح كوة صغيرة تطل منها السياسة بكل حساسياتها.

في النهاية، ما بدا خلافاً بروتوكولياً بسيطاً تحوّل إلى مرآة تعكس أزمة أعمق في فهم الأدوار وحدود اللياقة في ممارسة السلطة. وكأن بنكيران، بطريقته المعهودة، أراد أن يقول: ليست المصافحة هي القضية، بل ما يختبئ وراءها من دلالات… عن السلطة، والاحترام، والوطن.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة