في خطوة أثارت الكثير من الاهتمام داخل الأوساط المهنية، خرج الفاعل النقابي والمهني عبد الرحيم الهبزة بموقف حاد تجاه الاقتطاع من مالية التجار لفائدة المصبرين. الهبزة اعتبر أن هذا التوجه يمثل خللاً في ميزان العدالة الاقتصادية، لأن المستفيدين ليسوا هم الحلقة الأضعف في سلسلة الإنتاج، بل فئة تملك إمكانيات هائلة ومكاسب معتبرة، في حين أن البحارة الذين يشكلون عصب القطاع ويواجهون قساوة البحر يومياً، ما زالوا يعانون ظروفاً مهنية ومعيشية صعبة.
هذا الموقف يعيد فتح النقاش حول جدوى مثل هذه الاقتطاعات، وحول الأهداف الحقيقية التي تقف وراءها. فإذا كان الغرض من الاقتطاع هو تحقيق التوازن الاجتماعي داخل المنظومة الاقتصادية، فإن المنطق يقتضي توجيه هذه الأموال مباشرة نحو البحارة، باعتبارهم الفئة التي تحتاج أكثر إلى الدعم والاعتراف بمجهوداتها. أما إعادة تدوير المكاسب في اتجاه نفس اللوبيات التقليدية، فهو أمر يزيد من تكريس الفوارق ويعمق الإحباط داخل القاعدة العمالية.
الهبزة في موقفه لم يكتف بالنقد، بل حمل دعوة واضحة لإعادة ترتيب الأولويات، عبر إنصاف البحارة وتحويل الاقتطاعات نحوهم، لأن ذلك سيكون بمثابة رسالة تقدير واعتراف حقيقية بتضحياتهم. فالبحار ليس مجرد رقم في معادلة الربح والخسارة، بل شريك أساسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وإن إصلاح الخلل يبدأ من تصحيح هذا المسار، ومنح هذه الفئة المكانة التي تستحقها.
إن صوت الهبزة اليوم لا يعبر فقط عن رأي شخصي، بل هو صرخة جماعية باسم آلاف البحارة الذين يطالبون بالعدالة والإنصاف. وهو في الآن ذاته جرس إنذار وتحفيز للفاعلين وصناع القرار كي يلتقطوا الرسالة ويفتحوا صفحة جديدة، يكون عنوانها احترام التوازن الاجتماعي داخل القطاع، ووضع البحار في قلب الاهتمام حيث يجب أن يكون دائماً.
