عندما يلجئ السياسي إلى مهنة التسول ويجعلها حرفة ووسيلة للكسب ؟!

هيئة التحرير29 أغسطس 2024آخر تحديث : الخميس 29 أغسطس 2024 - 11:00 صباحًا
هيئة التحرير
مقالات الرأي
عندما يلجئ السياسي إلى مهنة التسول ويجعلها حرفة ووسيلة للكسب ؟!

أحمدو بنمبا

لايختلف إثنان أن التسول في مفهومه العام هو ظاهرة سيكولوجية وسيسيولوجية، يعاني منها المجتمع، وذمها الإسلام ، فحث على العمل والإكتساب، والتعفف عن الناس، وسؤال رب الناس، حتى بايع صلى الله عليه وسلم أصحابه ثم قال : ولاتسألوا أحدا، فكان الرجل يسقط سوطه فينزل ليأخذه بنفسه ولا يسأل أحد أن يناوله إياه.

وفي عصرنا اليوم أضحى التسول حرفة ومهنة لدى كثير من الساسة ، ووسيلة لكسبهم ، وتجارة رابحة عندهم ، بل إن البعض منهم اتخذ من التسول كمؤسسة مدرة للدخل ، يوظف فيها من شاء من أبناء جلدته ليعينوه في مسألته .

إنهم المتسولون الجدد ، ضرب عليهم الفقر خيامه ، وسكن في قلوبهم فلا يبغي عنهم حولا ، فراشهم الفصل ، ولباسهم التقرب والمجاملة ، وظلهم ما يجدونه من مهنتهم هاته ، يمدون أيديهم إلى المخلوق يريدون عطاءه فهم في فقر دائم مادامت نفوسهم التي باعوها بالدرهم والدريهم .

وقديما قال الأعرابي :

أبا مالك لاتسأل الناس والتمس بكفيك فضل الله والله أوسع

ولو سئل الناس التراب لأوشكوا إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا

لكنهم يتسولون كما يتنفسون ، يريدون مافي يد الغير ، فلا يرون إلا الإملاق والضنك .

هؤلاء هم الساسة المتسولون ، فرغم المنازل المشيدة والملابس الجميلة و السيارات الفارهة يحملون حقائبهم الكبيره ، ويتسولون بقربهم السياسي ، ويبتغون فضلا من ساستهم ، فهم في سفر دائم ونفاق وتملق قل نظيره ، يسميه البعض (بالنفاق السياسي) وهو التسول بعينه فلماذا لانسمي الأشياء بأسمائها ؟

sahel

فلافرق بين متسول الشارع والمتسول السياسي ، وجههم واحد ، وثوبهم واحد ، غير أن : “المتسول السياسي “ولد قبل الآخر بألفي عام ، فهو خبير بتاريخ وجغرافية النفاق والتملق.

يظنه البعض حاملا لهموم المجتمع والوطن والأمة ، والحقيقة أنه لايحمل سوى هم بطنه طولا وعرضا ، يبكي على منصبه ، ويضحك عند سيده الذي يجود له أحيانا ، ويمسك عنه أحايينا …

ففي كل المنسابات السياسية منافقون متسولون يضربون طبول الساسة ، ويغنون لهم بأصواتهم الخشنة التي ملها الشعب ، وملتها مدينتنا المكلومة التي أضحت كعكعة بين المتهافتين .

لقد نذر المتسول السياسي القطيعة مع الكرامة والشهامة والأنفة ، وكأنه تسول في بطن أمه قبل أن يولد … و لو وضع في صحراء لا أنيس فيها لأوشك أن يسأل الريح والشجر .

تجري المذلة في جسمه كما يجري دمه ، لاصوت له سوى صوت المال ، إن أعطي رضي وإن لم يعط لم يرض .

ويحسب التافهون أن الذي يلهث وراء المال كما يلهث الكلب ، أنه مناضل سياسي وماهو إلا رقيق للدرهم ومملوك له ، يحمل قدحه بين أحزابه السياسية عسى وعسى …

إن هذه الظاهرة ظاهرة غريبة ومشينة ، قتلت الهمم ، وجعلت أصحاب القلوب الصناعية ساجدين راكعين للمتحكمين بالمشهد السياسي ، قصد سد فراغ الجيوب ، وكسب لقمة العيش .

ويبقى السؤال المطروح أين عظماء النفوس ؟

ألا بعدا لعالم كهذا يصبح المرء متسولا ، ويمسي شريفا – كما يحسب نفسه – ، يبيع نفسه ووجه بعرض من الدنيا .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة