… “كما أن إدارة المؤسسات خاصة الترابية منها تحتاج الى تفعيل واعتماد التفكير المبني على التخطيط الاستراتيجي، الذي يمكن الفاعلين في هذه المؤسسات من عدم الاقتصار على اسلوب ادارة الملفات الآنية والجارية، وتجاوز ذلك الى التفكير في الاوضاع المستقبلية وفق اطار منهجي يتوجه نحو المستقبل”…
العبارة وردت في كتاب أخرجه الاستاذ الدكتور امبارك الطايعي، وهو بالمناسبة استاذ بجامعة ابن طفيل شعبة السوسيولوجيا. عنوان الكتاب هو”بيداغوجيا تقنيات اعداد المشاريع التنموية”، يتكون من 119 صفحة من الحجم المتوسط ويتضمن ثلاث محاور أساسية علاوة على المقدمة والخاتمة.
النوايا البيداغوجية للمشروع تتوضح منذ السطور الأولى، حيث أفصح الكاتب عن عزمه إهداء الإدارة عموما والإدارة الترابية على وجه الخصوص تمرينا سوسيولوجيا في درس إعداد المشاريع يمكنها من التمرس على منهجية إعداد الوثيقة وبناء المشاريع التنموية وفق مقاربة تشاركية ومنفتحةعلى المحيط.
هذا المجهود المعرفي آثر الكاتب ان يقدمه من خلال ثلاث محاور رئيسية:
ـ محور مفاهيمي، سمح للكاتب أن يقارع مفهوم التخطيط الاستراتيجي بمفاهيم مجاورة من قبيل التخطيط الطويل الأمد والإدارة الاستراتيجية والخطة الاستراتيجية، معرجا على أهداف التخطيط الاستراتيجي ومراحله المنجزة على ضوء تحليل الوضع الراهن وتحليل البيئة الخارجية ( الفرص والتهديدات) والبيئة الداخلية
( نقط القوة ونقط الضعف)؛
ـ المحور الثاني، خصصه المؤلف لعرض تقنيات منهجية المشروع ومراحل إنجازه من خلال ماأطلق دورة المشروع، كما شدد على المكانة المحورية التي تتبوؤها المقاربة التشاركية ضمن المجهود الرامي إلى بناء المشاريع التنموية، ولم يفوت صاحب الكتاب الفرصة ليقف بشكل مفصل عند مفهوم التخطيط كمنهجية لإشراك الفئة المستهدفة في جميع مراحل دورته. أما المحطة الثالثة من نفس المحور فقد خصصها لعمليتي التتبع والتقويم مبرزا أدوارهما ووظيفتهما وأدواتهما، ليختم المحور بالأهمية التي يحظى بها التوثيق والأرشفة كعمليتين تسمحان بترصيد التجارب في أفق تعهدها بالتقويم والمراجعة أو الإغناء والتطوير.
ـ المحور الأخير، تناول موضوع التمويل في علاقته بتطوير القدرات الذاتية للفاعلين وجعلهم قادرين على كسب ثقة المؤسسات والهيئات المانحة من أجل توفير الدعم وتقديم المساعدات المادية.
الكتاب الذي بين أيدينا، والمتوقع ان يتم توقيعه يوم 19 من الشهر الجاري، هو بمثابة عصارة تجربة علمية وعملية ظل صاحبها، وهو رجل ميدان بامتياز، يحث في كل مناسبة أن الدرس السوسيومجالي لا يكتسي معناه الحقيقي إلا بمقدار قدرته على اقتحام الفضاءات الخارجية لأسوار الجامعة ليعانق رحابة مجال العيش، معلنا بذلك عن انخراط السوسيولوجيا في حل القضايا الحارقة للمجال.
طموح من هذا القبيل وحده كفيل بأن يؤسس لمشروع مجتمعي مبني على تملك تصور حقيقي للتنمية تنظر للأخيرة ليس باعتبارها مجرد مجموعة أوراش تهدف إلى الارتقاء بالبنيات التحتية للمجال، بل باعتبارها أساسا مشروعا مجتمعيا له مواصفات لامادية تستهدف الإنسان في بعده الاجتماعي والبيئي.
الطالب الباحث محمد كسيكسو