قرار حكيم في زمن الإصلاح المتدرج

هيئة التحريرمنذ 3 ساعاتآخر تحديث :
قرار حكيم في زمن الإصلاح المتدرج

بقلم : الصغير محمد

قرار تأجيل المسطرة الجديدة الخاصة بمراقبة سرعة الدراجات النارية لمدة عام كامل لا يمكن قراءته كتنازل أو تراجع عن الإصلاح، بل كخيار سياسي حكيم يعكس وعياً عميقاً بحدود الواقع وإمكاناته. الإصلاحات الناجحة ليست تلك التي تُسنّ بسرعة، بل التي تُطبّق وفق إيقاع محسوب يراعي البنية التحتية، والوعي المجتمعي، وكلفة التنزيل على الاقتصاد الوطني.

رئيس الحكومة، باختياره التأجيل، بعث برسالة مفادها أن الدولة تتحرك بمنطق التدرج، وأن القوانين ليست نصوصاً جامدة بقدر ما هي أدوات مرنة تُكيّف مع متطلبات الواقع. فالتطبيق الفوري للمسطرة كان سيصطدم بغياب تجهيزات كافية للمراقبة الرقمية ونقص في حملات التوعية، مما قد يؤدي إلى توترات اجتماعية أو تحميل المواطنين أعباء إضافية في ظرفية اقتصادية دقيقة.

التأجيل يمنح الوقت الكافي لتقوية البنية التقنية، وإعداد الموارد البشرية، وإطلاق حملات تواصلية واسعة تجعل من القانون أداة وقائية أكثر من كونه إجراءً زجرياً. والأهم أنه يعزز الثقة بين الدولة والمواطن من خلال إظهار قدرة الحكومة على الإصغاء والتفاعل مع المعطيات الواقعية بعيداً عن الجمود القانوني.

هكذا، يتحول القرار من مجرد تأجيل تقني إلى خطوة سياسية محسوبة، تعكس نضجاً في إدارة الإصلاحات، حيث لا مجال للمغامرة ولا للتسرع، بل للسير بخطوات ثابتة نحو نظام مروري أكثر أماناً ومجتمع أكثر ثقة في مؤسساته.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة