الساحل بريس / الصغير محمد
في مداخلة وازنة خلال المنتدى الجهوي المنعقد تحت شعار “الجهات رافعة للصادرات”، اختار محمد بوبكر، عضو المجلس الجهوي لجهة الداخلة–وادي الذهب، أن يخرج النقاش حول الاستثمار من دائرة الترويج الخطابي إلى فضاء المساءلة العمومية، واضعاً الأصبع على مفارقة مركزية: كيف يمكن الحديث عن دينامية تصديرية واستثمارية متصاعدة، في حين لا يلمس شباب الجهة ولا ساكنتها أي انعكاس فعلي لها على أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية؟
بوبكر، من موقعه كممثل منتخب، عبّر عن استياء متزايد مما وصفه بـ“العناوين الفارغة”، التي تُستهلك في الندوات والملتقيات، دون أن تتحول إلى فرص شغل حقيقية أو آليات إدماج فعلي للشباب، ولا إلى مسارات تمكين للكفاءات المحلية. فالاستثمار، كما شدد، لا يُقاس بحجم الصادرات ولا بالأرقام المعلنة، بل بمدى قدرته على إحداث أثر اجتماعي ملموس داخل الجهة.
وفي سياق مساءلة السياسات العمومية المرتبطة بالتجارة الخارجية، ذكّر عضو المجلس الجهوي كاتبَ الدولة المكلف بالتجارة الخارجية، عمر حجيرة، ببرنامج امتد من سنة 2016 إلى 2022، ورُصدت له اعتمادات مالية تناهز 400 مليون درهم. برنامج، يقول بوبكر، انخرط فيه المواطنون بجدية، وقُدمت مشاريع، وتُكبدت مصاريف الدراسات، وحضرت مكاتب الخبرة، غير أن مصيره ظل غامضاً: لا حصيلة منشورة، ولا تقييم مؤسساتي، ولا توضيح لمسار الملفات التي وُضعت على طاولة الإدارة.
ويؤكد بوبكر أنه، خلال مواكبته لعدد من الوزراء الذين تعاقبوا على القطاع، استجاب لكل الشروط المطلوبة، وقد قُدِّم ما بين 40 و50 ملفًا استثماريًا، دون أن يتلقى إلى اليوم جوابًا واضحًا حول مآلها. وهو ما يطرح، في نظره، إشكالية تحوّل الاستثمار من أداة للنهوض الاقتصادي إلى موضوع تساؤل مشروع داخل الفضاء العمومي.
غير أن جوهر المداخلة لا يقوم على رفض الاستثمار أو الانخراط في منطق الانغلاق، بل على إعادة تعريفه من زاوية اجتماعية وتنموية. فبعبارة حسانية مكثفة الدلالة، قال بوبكر: «مرحبة بالاستثمار ومرحبة بالمستثمرين، ولكن ما هو على حسابنا». عبارة تختزل موقفاً سياسياً واضحاً: نعم للانفتاح الاقتصادي، لكن ليس على حساب الساكنة، ولا بإقصاء الشباب العاطل الحامل للشهادات، ولا بتحويل الجهة إلى مجرد منصة تصدير دون قيمة مضافة محلية.
إن ما يطالب به محمد بوبكر، من داخل المنتدى المقام اليوم بالداخلة ، ليس امتيازاً ظرفياً، بل إعادة ترتيب للأولويات: برامج واضحة، نتائج قابلة للقياس، ومواكبة فعلية تُمكّن أبناء الجهة من الولوج إلى الاستثمار والتصدير، بدل الاكتفاء بدور المتفرج. وهي دعوة صريحة لربط شعار الجهوية الاقتصادية بمضمون اجتماعي عادل، يجعل من الصادرات رافعة للتنمية، لا عنواناً بلا أثر.













