تتساءل الأوساط الاقتصادية في جهة الداخلة وادي الذهب عن كيفية الاستفادة من أموال الجالية المغربية ، وما السبيل لفتح مجالات استثمارية جديدة أمامهم خارج القطاع العقاري الذي يحتل نسبة كبيرة من استثماراتهم الحالية بهدف تحقيق رافعة اقتصادية واجتماعية لجهة الداخلة ؟
لا يخفى على أحد أن المغاربة المقيمين بالخارج يشكلون رافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في المملكة عبر جهاتها الإثني عشر ، حيث وبالنظر إلى الأهمية التي تضطلع بها الجالية المغربية في الخارج كرافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد ، أضحى من الواجب على السلطات المحلية لاسيما في جهة الداخلة أن تضع الآليات الملائمة لتوفير مزيد من الدعم للمبادرات الاستثمارية لهذه الفئة ، عبر تحديد القطاعات الرئيسية التي يمكن لمغاربة العالم الحاملين لأفكار استثمارية مبتكرة أن يستثمروا فيها ، ولاسيما في قطاعات أخرى غير قطاع العقارات الذي يهيمن بالفعل على إجمالي استثماراتهم ، ويركزوا على قطاع السياحة الواعد و قطاع الصيد البحري ، و الإستثمار الفلاحي والطاقات المتجددة .. إلخ ، فالجيل الجديد من المهاجرين المغاربة حريص جدا على إطلاق مشاريع استثمارية مبتكرة، شريطة أن يحصلوا على الدعم اللازم لتحديد المشاريع الواعدة وإقامة شراكات جيدة مع المؤسسات والجهات المعنية ، إضافة إلى تبسيط المساطر الإدارية .
وكانت قد أعلنت الحكومة المغربية فيما مضى عن اتفاقية تعاون مع المغاربة المغتربين بهدف حشد الدعم للحدّ من التفاوت الاجتماعي ومحاربة الفقر ، حيث تحاول السلطات الاستفادة من الثروة الاقتصادية التي تمثلها شريحة المهاجرين ، فالجهود التي يبذلها المغرب من أجل تبسيط الإجراءات الإدارية ورقمنتها وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وإطلاق ميثاق الاستثمار المغربي هي مبادرات جديرة بالثناء يجب أن تدمج المغاربة المقيمين في الخارج في مجال الإستثمار ، إلا أن ذلك لن يكون إلا بالإهتمام الفائق والتواصل من خلال اعتبار مغاربة العالم مصدرا للثروة ، وبالتالي تمكين المغرب عموما وجهة الداخلة على وجه الخصوص من الاستفادة الكاملة من الجالية المغربية المقيمة بالخارج والسماح لها بالمساهمة المكثفة في التنمية التي تدعو لها الدولة.
إن ما يجب أن يعلمه المسؤولون الإداريون بجهة الداخلة ومدير المركز الجهوي للإستثمار أن المغاربة المقيمين في الخارج قادرون على لعب دور الميسرين المهمين للتجارة والتسويق الجيد للفرص الإستثمارية المتاحة بجهة الداخلة الداخلة ، وذلك بفضل شبكة معارفهم ، وكذا تعزيز التجارة الخارجية من خلال لعب دور ميسري التجارة بين مختلف الأطراف ، بفضل المعلومات التي يتوفرون عليها حول البلدان ومواردها الخارجية .
فلا يخفى على أحد الجالية المغربية ثروة اقتصادية للبلد عموما ، حيث يمثلون مصدرا للعملة الصعبة ورافدا أساسيا للنمو ، وتكشف بيانات بنك المغرب (البنك المركزي) أن تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج عرفت شبه استقرار في حدود 65.8 مليار درهم (حوالي 7.2 مليار دولار) عام 2020، فيما إرتفعت إلى نحو 7.8 مليار دولار عام 2021 ثم 8 مليارات دولار عام 2022 ، فالتوفر على جالية مهمة في الخارج ، ينعكس بشكل خاص على كثافة المبادلات التجارية الثنائية بين بلدان المنشأ والاستقبال .
وأخيرا وجب على المصالح المختصة بما فيهم المركز الجهوي للإستثمار إلى تبني مبادرات تحفيزية للجالية المغربية بالخارج ، وتوضيح الرؤوية لهم عبر إشراكهم في تنمية جهة الداخلة وادي الذهب ، ومراجعة كل ما من شأنه أن يكون مانعا لمشاركة هذه الفئة الفاعلة والمهمة في مجالات التنمية الجهوية ، وكذا لدفع بها لتحقيق الأهداف التنموية المرجوة .