في هذا اليوم الموافق 8 مارس الذي يحتفل به العالم بالمرأة يشرفني وانا انتمي لمجتمع البيضان ان اخلد عملا متميزا لامرأة فرنسية بادرت بالتعريف بجانب من تراثنا في وقت كانت فيه ثقفتنا مستهدفة، السيدة أنا كانكري التي طالما تغنت ببساطة وجمال ثقافتنا ودفعها شغفها وحبها للصحراء الى التجول في ربوع الساحل والصحراء : موريتانيا و النيجر ومالي تاركة آثارا تشهد على مقدار حبها وتعلقها بشعوب المنطقة.
كشفت عن تحفتها المتميزة تمثال المرأة البيضانية ” Femme Maure”” في المعرض الدولي للفنون باريس سنة 1937 ، والذي يعد حينها اكبر معارض العالم حيث شاركت فيه 45 دولة بأجنحة مختلفة، امتدت مبانيها وساحاتها على مساحة 101 هكتارا، وزاره حوالي 31 مليون زائر، كان لقاء عالميا . أُقيم المعرض في ظل التوتر الدولي الذي سبق الحرب العالمية الثانية و كانت مشاركات القوتين العظميين في أوروبا في تلك الفترة، الاتحاد السوفيتي من جهة، وألمانيا النازية من جهة أخرى، وتظهر الصور المخلدة لتلك الفترة كيف كانت تمثال المرأة البيضانية متميزة عن باقي التماثيل ، شامخة بليسها المحتشم النابع من الهوية الاسلامية وتحمل قدح لبن تعبيرا لكرم الساحل .
سقطت النازية وسقط الاتحاد السفيتي وتغيرت خارطة بلدان وبقيت المرأة البيضانية شامخة في مكانها محتفظة باسمها الأصلي شاهدة على أحداث تاريخية كبرى وسفيرة للثقافة الحسانية.
كان لي الشرف بأن زرت مكان التمثال في ربيع 2018, لأكتشف هشاشة اجراءات الحماية وفي هذا المناسبة الذي يحتفل العالم الغربي أدعو بلدية باريس و سفراء الدول المغاربية ومنظمات الغير حكومية الفاعلة في الشأن الثقافي الى حماية هذا الصرح الثقافي ، على أمل أن نخلد نحن كذلك ذكرى السيدة أنا بتسمية أحد الأماكن العامة عليها عرفانا لها بالجميل، ونمد جسور التقارب بين شعوب العالم، وقد أشار الباحث الموريتاني سيدي ولد احمد الأمير إلى عدة أعمال قامت بها بينها مجسم للزعيم محمد ولد الخليل الركيبي و لأمير الترارزة أحمد سالم ولد إبراهيم السالم، كما نحتت تمثالا للعالم والقاضي أحمد ولد أبنو عبدم الديماني .