“الراغب حرمة الله.. السياسة حين تتحول إلى فعل ميداني”

هيئة التحريرمنذ 4 ساعاتآخر تحديث :
“الراغب حرمة الله.. السياسة حين تتحول إلى فعل ميداني”

هذا الصباح، بعد أن انتهت الدورة العادية للمجلس الجماعي للداخلة، لم يتوقف المشهد عند النقاشات والقرارات داخل القاعة. رئيس المجلس، الراغب حرمة الله، اختار أن يتجاوز الرسميات إلى ما هو أعمق: النزول إلى الشارع حيث المطر يكشف بصدق ما تخفيه الخطابات.

ارتدى حذاءً مطاطياً بسيطاً، ونزل إلى الميدان. قد يبدو الفعل عادياً، لكنه في التحليل السياسي أبلغ من عشرات البلاغات. إنها لحظة مواجهة مباشرة مع الواقع: الماء الذي يغمر الأزقة، والمواطن الذي يترقب، والمدينة التي تختبر بنيتها في أول امتحان مطري.

السياسة، في جوهرها، ليست مجرد إدارة اجتماعات ولا إعداد محاضر، بل هي القدرة على تحويل القرارات إلى أفعال، والخطابات إلى حلول، والنوايا إلى التزامات ملموسة. نزول الرئيس إلى الشارع هو تذكير بأن القيادة ليست رتبة، بل مسؤولية. وأن الفعل السياسي الحقيقي يبدأ حين يضع المسؤول قدميه حيث يضع المواطنون أقدامهم، في الشارع ذاته، وتحت المطر ذاته.

إن ما قام به الراغب حرمة الله يحمل دلالة تحفيزية كبرى:

أولاً، لأنه يعيد الثقة بين المواطن ومؤسساته المحلية، عبر إظهار أن المسؤول حاضر لا غائب، مشارك لا متفرج.

ثانياً، لأنه يفتح الباب أمام ثقافة سياسية جديدة، تقوم على الاقتراب من الناس، لا الاكتفاء بالجلوس خلف المكاتب.

وثالثاً، لأنه يرسل رسالة للمدينة بأن زمن المعالجات الترقيعية قد ولّى، وأن التفكير الجدي في بنية تحتية تليق بالداخلة لم يعد ترفاً بل ضرورة.

السياسة، كما يقال هي في جوهرها ممارسة اجتماعية تُقاس بمدى اقترابها من حاجات الناس. والمطر، في هذه اللحظة، ليس مجرد حالة مناخية؛ إنه امتحان سياسي وأخلاقي. والراغب حرمة الله باختياره النزول إلى الميدان، قدّم درساً في أن القيادة ليست شعارات انتخابية، بل مواجهة حقيقية مع الطين والماء والهموم اليومية.

التحفيز هنا واضح: إذا تحولت هذه اللحظة الرمزية إلى منهج دائم في التدبير، فإن الداخلة يمكن أن ترسم صورة جديدة للسياسة المحلية في المغرب: سياسة تضع الإنسان في قلبها، وتعتبر أن التفاصيل الصغيرة – كتصريف مياه الأمطار – هي التي تصنع الثقة الكبرى.

إنه درس في السياسة. ودرس في القيادة. والأهم: درس في أن الأمل ممكن حين يتحول القول إلى فعل، والفعل إلى التزام، والالتزام إلى مشروع يغير حياة الناس.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة