بدر شاشا
هذه مقهى خرجت حتى الرصيف، وهذا محل يعرض السلع بشكل يتجاوز مساحته المخصصة، وهذا مطعم يضع الكراسي والطاولات خارج حقه القانوني. وحتى بعض المنازل تستحوذ على مساحات إضافية أمامها، مما يخلق حالة من العشوائية التي تشوه جمالية المدن وتنتهك حقوق الفضاء العمومي.انتشار الباعة المتجولين في وسط الطرقات أصبح مشهداً مألوفاً في العديد من المدن، حيث يعرضون بضائع متنوعة تشمل الخضار والفواكه والملابس والهواتف وغيرها. هذا الوضع يثير العديد من الإشكاليات التي تؤثر على النظام العام، وحقوق المواطنين، والسلامة المرورية. المشكلة ليست مجرد قضية اقتصادية بل تتشابك مع أبعاد اجتماعية وتنظيمية وإنسانية.من أبرز التحديات التي تطرحها هذه الظاهرة هو احتلال الفضاء العمومي، حيث يستغل الباعة مساحات الطرقات بشكل عشوائي، مما يؤدي إلى عرقلة حركة المرور. المواطنون يجدون أنفسهم مجبرين على السير في الشارع بين السيارات، مما يعرض حياتهم للخطر. بالإضافة إلى ذلك، تسبب هذه الأسواق العشوائية ضوضاء غير مبررة بسبب الأصوات المرتفعة والصراخ، مما يُخل بالراحة العامة للسكان والمارة.الباعة أنفسهم يعيشون في ظروف اقتصادية هشة، ووجودهم في الشوارع هو تعبير عن الفقر والحاجة. ومع ذلك، فإن طريقة ممارسة عملهم دون تنظيم تؤثر سلباً على النظام العام. العديد منهم لا يدفعون ضرائب أو رسومًا مثل التجار في المحلات، مما يخلق حالة من التنافس غير العادل. كما أن التنوع الكبير في البضائع المعروضة في مساحات محدودة يؤدي إلى فوضى تجعل من الصعب على المواطنين وحتى السلطات المحلية تنظيم هذه الأنشطة.من جهة أخرى، هناك بعد اجتماعي لهذه الإشكالية. العديد من هؤلاء الباعة هم أرباب أسر يبحثون عن لقمة عيش كريمة، ولكن غياب الدعم الحكومي أو التوجيه نحو مشاريع تنموية يجعلهم ينتهجون هذه الطرق العشوائية. الحلول الأمنية وحدها مثل المداهمات أو مصادرة البضائع ليست كافية وغالباً ما تزيد من معاناة هؤلاء الباعة دون معالجة جذور المشكلة.المواطنون بدورهم يعانون بشكل مباشر من هذه الفوضى. الطرقات التي يجب أن تكون مخصصة لحركة السير تصبح ساحات للعرض، مما يؤدي إلى اختناق مروري، وتأخير في التنقل، وزيادة الحوادث. كما أن هذه الظاهرة تؤثر سلباً على جمال المدن وجودة الحياة الحضرية.لحل هذه الإشكالية بشكل مستدام، يجب اتخاذ خطوات شاملة تشمل بناء أسواق مخصصة لهؤلاء الباعة توفر لهم بيئة آمنة ومنظمة لعرض منتجاتهم. السلطات المحلية يمكنها العمل على تنظيم هذه الأسواق بحيث تكون قريبة من أماكن تجمع المواطنين ولكن دون التأثير على حركة المرور أو الإضرار بالفضاء العام. يجب أيضًا تقديم دعم مادي وتكويني لهؤلاء الباعة لتحسين جودة منتجاتهم وخدماتهم، مع إدماجهم في النظام الاقتصادي الرسمي عبر تسهيلات ضريبية أو تشريعات خاصة.الوعي المجتمعي ضروري لحل المشكلة، حيث يجب على المواطنين والسلطات العمل معاً لتحقيق التوازن بين احتياجات الباعة وحقوق المجتمع في فضاء عمومي منظم وآمن. بدون هذا التعاون، ستبقى هذه الظاهرة مصدر قلق دائم يؤثر على الجميع.