إفريقيا ونظرية التبعية

هيئة التحرير10 أغسطس 2023آخر تحديث :
إفريقيا ونظرية التبعية

عبد الواحد بلقصري
باحث في علم الاجتماع السياسي

تعتبر نظرية التبعية إحدى النظريات التي ظهرت في عقد الستينات من القرن العشرين وحاولت إبراز تأثير سيطرة نظام الرأسمالية الدولية على اقتصاديات الدول النامية ،الأمر الدي أدى إلى بقائها في حالة من التخلف الاقتصادي .

حيث أنها حاولت إبراز اهمية العوامل الخارجية للدول المتخلفة ومــــــــــــــــــــــــــــدى تاثـــــــــــيرها على الاقتصاديات المحلية ،وحاولت تحليل الفوارق التقنية في بلدان الجنوب بعدما ركـــــــــــــزت كما أشرنا سابقا على دور العامل الخارجي وتاثير الدول الرأسمالية على اقتصاديات دول الجنوب المتخلفة .

ويعتبر فرانسوا بيركوت من الكتاب الاوائل لهاته النظرية ،إلا أن المفكر العالمي المصري سمير أمين يعتبر من اهم مؤسسي نظرية المنظومات العالمية وقد اشتهر بتقديمه لمصطلح المركزية الاوروبية في عام 1989 واعتبر رائدا في نظرية التبعية ،حيث قدم فكرته بالتحديد في عام 1957 في رسالته للدكتوراه الخاصة والتي أكد فيها ان الاقتصاديات المتخلفة لاينبغي اعتبارها مستقلة بل اعتبارها لبنات بناء لاقتصاد راسمالي وتشكل الدول الفقيرة الاطراف المجبرة على تعديل هيكلي دائم فيما يتعلق بديناميات اعادة الانتاج الخاصة بمراكز الاقتصاد العالمي اي البلدان الصناعية الراسمالية المتقدمة في نفس الوقت وبافتراضات اساسية مماثلة وهو ما عرف بالمركز والاطراف ووفقا لسمير أمين فإن قانون القيمة العالمي يخلق بالتالي استقلالا فائقا للأطراف علاوة على دلك تحتفظ البلدان المركزية باحتكــــــــــــــــــــــــار التكنولوجيات والسيطرة على التدفقات والقوة العسكرية والإنتاج الايديولوجي والاعـــــــــــــــــــلامي والوصول إلى الموارد الطبيعية ،وأكد سمير أمين في العديد من كتبه ومقالاته وبالأخــــــــــــص كتاب التبعية في عالم متغير الذي صدر سنة 1990الدي دعا فيه كل الدول الى الانفصال على الاقتصاد العالمي بمعنى اخضاع العلاقات العالمية لأولويات التنمية المحلية وخلق تنمية ذاتية ولكن ليس بمعنى الاكتفاء الذاتي بدلا من تحقيق القيمة من الاسعار المهيمنة في العالم حيث أنه بعد انهاء الاستعمار على مستوى الدول يجب ان يؤدي دلك الى التحرر الاقتصادي من الاستعمار الجديد ومع ذلك أكد أنه يكاد يكون من المستحيل فك الارتباط بنسبة مائة في المائة وأن فك الارتبا بنسبة 70في المائة يعد إنجازا لدول الجنوب .

مما سبق نستنتج أن نظرية التي أشرنا اليها سابقا أشد الارتباط بالقارةالافريقية ،حيث نجد أن العديد من الاقتصاديات العالمية حاولت فك الارتباط ،إلا أننا نجد أن افريقيا التي تعتبر ثاني أكبر قارات العالم من حيث المساحة بعد قارة اسيا وتبلغ 14.8 من ساكنة العالم وتعد من أقدم قارات العالم حيث يعود جذورها إلى العصر الحجري القديم ،وتعد من أكبر القارات غنى من الموارد الطبيعية بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي وتوفرها على ساكنة شابة وواجهات بحرية تطل على قارات العالم،لكن في المقابل نجد أن غالبية دولها تعاني من الفقر والجوع والامية وأغلب أنظمتها تسلطية جائت من رحم انقلابات عسكرية (عرفت أكثر من 160انقلابا عسكريا ) وفق أجندات قوى عظمى ولعل أبرزها فرنسا التي تعتبر إفريقيا بمثابة ضيعة كبيرة لها ،ولعل الاحداث التي تعيشها اليوم دولة النيجر خير دليل على ذلك إن افريقيا تعتبر قارة شابة ومهمة بكل المعايير السياسية والاقتصادية وهي المنقذ لهذا العالم المعلولم بالنسبة للقوى العظمى فرنساو بريطانيا واليابان والولايات المتحدة الامريكية والصين وبالرغم من المشاريع العملاقة التي تعرفها العديد من دول القارة إلا أن تحقيق التنمية السياسية التي تعتبر مدخلا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لا يمكن تحقيقها بدون فك الارتباط وإعادة النظرية في نظرية التبعية .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة