ذكرى عيد الإستقلال المجيد .. الحدث و الافق الإستشرافي للقضية الوطنية

هيئة التحرير17 يناير 2025آخر تحديث :
ذكرى عيد الإستقلال المجيد .. الحدث و الافق الإستشرافي للقضية الوطنية

بقلم/ ذ ، الحسن لحويدك رئيس جمعية الوحدة الترابية بجهة الداخلة وادي الذهب.

المناسبة شرط في استلهام العبرة من استحضار ذكرى عيد الاستقلال التي تتجلى في مبادئها وقيمها الوطنية النبيلة ، وربطها بسياق التحديات الراهنة لمواصلة نهج مناضلات ومناضلين وطنيين أوفوا بما عاهدوا الله عليه ، دفاعا عن الوحدة الترابية والوطنية للأمة المغربية المجيدة.
إن ذكرى عيد الاستقلال المجيد تجسيد لنضال وطني مستميت ، خاضه العرش و الشعب من أجل التحرير واستكمال الوحدة الترابية.
فاستحضار هذه الملحمة الخالدة التي أرخت لفترة الكفاح ، يضع على عاتق المغاربة مسؤولية جسيمة لمواصلة ما قدمه شهداء الوطن والتحرير والوحدة الترابية مضحين بأرواحهم وبالنفس والنفيس فداء للاستقرار والحرية بقيادة بطل التحرير والاستقلال المغفور له جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه.
ولعل ما يميز هذه الذكرى، أنها ترجع بنا الى الذاكرة الوطنية الحقيقية المتجلية في انتصار إرادة العرش و الشعب ضد الاستعمارين الفرنسي والإسباني ، أدت في نهاية المطاف إلى استقلال المغرب ونهاية مرحلة الجهاد الأصغر وبداية الجهاد الأكبر .
وإذ نستحضر هذه الذكرى الغالية بفخر واعتزاز ، فلابد من ربطها بسياق الرهانات الداخلية والخارجية لتعزيز المكتسبات ومواجهة التحديات التي تقتضيها المرحلة، و في مقدمتها القضية الأولى التي تعتبر أولوية الأولويات وقضية وجود و ليست قضية حدود ، تتطلب من كل المغاربة ، أينما وجدوا، الدفاع عنها بروح وطنية عالية قصد الطي النهائي للنزاع الإقليمي المفتعل حولها .
وإذا كانت الأقاليم الجنوبية للمملكة قد عرفت على غرار باقي جهات المغرب أوراشا تنموية في إطار النموذج التنموي الخاص بها ، و إتاحة المشاركة لساكنتها تدبير شؤونهم المحلية بانفسهم ، في إطار من المسؤولية وتكافؤ الفرص و ترسيخ مبادئ التنمية المندمجة في ظل الوحدة الترابية و السيادة الوطنية ، فإن مسار قضية الصحراء المغربية ، بفضل الدبلوماسية الملكية ، حقق انتصارات متتالية ، تمثلت في تزايد الدول المعترفة بمغربية الصحراء ، والمدعمة لمبادرة الحكم الذاتي كتسوية نهائية لهذا الخلاف الإقليمي المفتعل ، من ضمنها دول وازنة ، كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإسبانيا … كما اقامت دول شقيقة وصديقة للمغرب قنصليات لها في حاضرتي الداخلة والعيون .
اكيد ، ثمة تسجيل منجزات تنموية و مكتسبات دبلوماسية لصالح القضية الوطنية، لكن حسم نزاعها المصطنع يتطلب المزيد من الترافع حولها.
وفي هذا الإطار ، ركز الخطاب الملكي السامي في افتتاح البرلمان على تملك مقومات الاختصاص والخبرة والكفاءة بشان استثمار وسائل الدبلوماسية الوطنية في الترافع عن مغربية الصحراء ، وهي رهانات تسائل جميع الفعاليات الوطنية و القوى الحية ، كل في مجال تدخله ، للانتقال من مرحلة التدبير إلى مرحلة التغيير ، وفق خريطة طريق واضحة المعالم، باسلوب جديد في الخطاب مبني على الإقناع بالحجج والأدلة ، و بتجديد الخطاب الترافعي عن مغربية الصحراء .
ومن أجل بلوغ هذه الأهداف المسطرة في هذه الرؤية ، ينبغي من الهيآت السياسية والمدنية والاكاديمية والثقافية والإعلامية ومغاربة العالم وشيوخ القبائل الصحراوية والاطر العائدة إلى أرض الوطن ، وتفعيل دور المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية “الكوركاس” من اجل أداء دوره كآلية ترافعية ليقوم بدوره الطلائعي المنوط به إلى جانب الدبلوماسية الرسمية ، هذه الفعاليات جميعها يجب أن تلتئم في صفوف متراصة ومتحركة ومتسلحة بالتأطير والتكوين ، وتعزيز قدراتها في مجال الترافع بخصوص كل ما يتعلق بملف الوحدة الترابية من الناحية القانونية و الاقتصادية والتاريخية و السياسية والاجتماعية و الثقافية ، اكيد سيتحقق بصفة حتمية المراد .
كما ان استحضار هذه المعطيات في رحاب الجامعات بين الأساتذة الباحثين والطلبة لإنجاز بحوث حولها ، سيعزز هذه الأهداف من خلال الحرص على إذكاء الروح الوطنية في المؤسسات التعليمية لمواصلة التعبئة في كل وقت و حين ، و ايضا مواكبة التنسيق و التعاون مع المؤسسات الرسمية والقوى الوطنية المخلصة عند كل مستجد يتعلق باستفزازات ومناورات واضاليل خصوم الوحدة الترابية ، وما يقتضيه من دعم إمكانات التصدي للطرح الانفصالي في المنابر الدولية .
والمطلوب ايضا ، المزيد من الانفتاح على الكفاءات و الهيآت داخل الوطن ، بالخصوص في الخارج قصد تشكيل لوبي قوي من مغاربة العالم قادر على الضغط و الإقناع في البلدان التي يقيمون بها.
و في هذا الصدد ، يبقى مقترح تأسيس مجلس وطني لتعزيز الترافع حول قضية الصحراء المغربية مطلب ملح في متابعة تطورات الملف، ويكون من بين أهدافه الأساسية التعريف بمقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب كحل سلمي ونهائي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل ، و يكون منصة للتعريف بالقضية الوطنية ، وتعزيز الفهم العميق لمسارها، و عدالة الموقف المغربي في قضية الصحراء.
إضافة إلى ذلك، سيناط بدور المجلس الوطني الذي يضم فعاليات متنوعة ، الانكباب على توضيح المعطيات والحقائق الشاملة المتعلقة بالوحدة الترابية للمغرب ، ومهارات الترافع بشأنها.
إن رسائل الخطاب الملكي السامي في افتتاح السنة التشريعية الجديدة واضحة إلى مختلف القوى الحية بضرورة مواكبة مضامين الخطاب الملكي الذي حث على التعبئة الوطنية الشاملة ، وتفعيل استراتيجية محكمة للتعريف بعدالة القضية الوطنية من خلال المكتسبات المحققة في الآونة الاخيرة .
ولعل النجاح الدبلوماسي الباهر لمبادرة الحكم الذاتي التي عرفت تأييدا واسعا لدى المنتظم الدولي، هو الذي يجسد اخذ زمام المبادرة والاستباقية في التعريف بها قصد كسب المزيد من الدعم والتأييد لصالحها .
فالتصدي للطرح الانفصالي في المنابر الدولية ، يجب أن يستند على تقوية وتطوير الحجج والأدلة ، وتعزيز مهارات الترافع الرقمي والمنبري ، في ظل المنعطف الحاسم الذي تمر منه القضية الوطنية لمواجهة الطروحات المعادية .
و في هذا المضمار، يجب الانفتاح على الأطراف التي لم تعترف بعد بمغربية الصحراء ، وذلك بتعزيز علاقات المغرب الدولية ومكانته القارية والإقليمية كبلد معروف بنهج سياسة التسامح والاعتدال،وتكريس قيم السلم والتعاون المشترك لتحقيق التنمية المشتركة مع باقي الأقطار في إطار عملية رابح – رابح ، لان هناك صراعات عديدة حسمت بمصالح اقتصادية وتنموية بين أطراف النزاع، المثال الأقرب المقصود لهذه الحالة ، تعنت النظام الجزائري ، المطلوب منه الرجوع إلى جادة الصواب والتفكير في مصلحة البلدين الشقيقين و ما يجمع بينهما من قواسم مشتركة ، والهدر الكبير للزمن التنموي الذي تسبب النظام الجزائري جراءه في تعطيل التنمية المغاربية جراء مواقفه المعادية تجاه المغرب .
و الجدير ذكره في هذا السياق بأن قضية الصحراء المغربية هي قضية إجماع وطني ، قمة و قاعدة ، فيما النظام الجزائري ، يتخذها مطية للتغطية على مشاكله الداخلية بدون مساندة شعبه ، وجبهة البوليساريو لا تملك سلطة القرار ، والمغاربة الصحراويون الوحدويون يشكلون الأغلبية ، و القلة هي المضروب عليها الحصار في مخيمات تندوف بإيعاز من حكام الجزائر ، والباقي من الصحراويين المنشقين عن البوليساريو يعيشون في بعض الدول الأوروبية، وكثرتهم إما في إسبانيا أو موريتانيا، واسسوا منظمات حقوقية كخط الشهيد ، وحركة صحراويون من أجل السلام المنشقة عن تنظيم البوليساريو الانفصالي .
حري بالذكر ان هذه الحركة تضم في عضويتها عددا من المسؤولين السابقين في جبهة البوليساريو ، وقد اعترفت بها وزارة الداخلية الإسبانية و الاممية الاشتراكية ، باعتبارها إطارا سياسيا يدافع عن حقوق الإنسان ، بخطاب معتدل يدعو إلى حل سلمي لمشكل الصحراء، الشيء الذي جعل العديد من الفاعلين الدوليين الاقتناع بطرحها.
فجميع هذه المكونات الصحراوية يتوقون لم شملهم مع ذويهم ، وعودة إخوانهم وابناء عمومتهم المحتجزين بمخيمات تندوف من طرف جنرالات الجزائر الذين يعتبرونهم مجرد أداة يوظفونها في حربهم على المغرب.
وختاما ، بناء على ما ذكر من وجوب الانخراط الفعلي والمسؤول في إطار ميثاق وطني قصد تفعيل توجيهات جلالة الملك محمد السادس على مستوى دور الدبلوماسية الموازية في الترافع عن مغربية الصحراء ، فالدعوة عامة لكل الفعاليات الوطنية المعنية لإرساء مرحلة التغيير المطلوب ، ومن رد الفعل إلى المبادرة والاستباقية ، واستثمار التحولات والتطورات للأحداث العالمية الراهنة في العلاقات الدولية لحسم التسوية النهائية لهذا الخلاف الإقليمي المفتعل الذي عمر اكثر من اللازم وعمق الجرح الغائر لمواجع المحتجزين.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة