أحمدو بنمبا
أوقعت اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني لحزب الإستقلال ، الأمين العام للحزب نزار بركة في مأزق حقيقي ، عبر تنكرها لطلب الخطاط ينجا المتمثل في تمتيع جهة الداخلة بإستقلالها في تدبيرها الحزبي وفك ارتباطها بالتنسيق الجهوي للجهات الثلاث الذي يتحكم في تفاصيله حمدي ولد الرشيد ، وفي مقابل هذا المأزق ، ظهرت على سطح العلاقات كما اشرنا في مقالنا السابق ، لجوء الخطاطا ينجا إلى التلويح بورقة مغادرة الحزب ، وهذا بحد ذاته يراه المتابعون للشان الحزبي ” الحل الأخير ” ، حيث استطاع المعارضون له من داخل الحزب أن يكسبوا المعركة التي شهدتها أشغال اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني لحزب الإستقلال يوم أمس الأحد ، وبات الحديث بإسهاب عن توجه حزب “الميزان” بجهة الداخلة وادي الذهب إلى دخول مرحلة جديدة ، يمكن أن تكون لها انعكاسات على مستقبله ، ورحيل العديد من الأسماء البارزة عن الحزب !
وفي الوقت الذي بات الحديث المستفيض عن حزب الإستقلال بجهة الداخلة ، يطفو على كل النقاشات وتأثيرات رحيل “الخطاط ينجا ”، يسجل البعض من متابعي الشأن الحزبي نقاط عدة يمكن إختزالها في :
أن رضوخ قيادة حزب الإستقلال مركزيا لمطلب المتحكمين في الحزب وتوجهاته ، سيفتح الباب لأنواع من التحولات في حزب الإستقلال ومستقبله السياسي بجهة الداخلة وادي الذهب ، معتبرين أن أولها سيكولوجي، ويتمثل في أن العديد من أفراد المجتمع يختارون الأشخاص لا الأحزاب ، وهو ما يفسره إرتباط العديد من الأسماء البارزة محليا وتأثيراتها على المواطن ، طيلة السنوات الماضية ، كان محكوما بشخصية الخطاط ينجا الكاريزمية وطريقة تفكيره وتفسيره للإشارات والرسائل المتداولة في الحقل السياسي”، حيث ارتبط اسمه بالمبادرات الإجتماعية الساعية إلى تحقيق تطلعات العديد من الفئات الهشة من دعم وعلاج وسكن وعمل ، إذ سيكون ملقى على عاتق الأمين العام لحزب الإستقلال مسؤولية البحث عن شخص يعيد بناء تمثلات وسيكولوجيات جديدة في قواعد حزب الميزان بجهة الداخلة وادي الذهب .
أما النوع الثاني من التحولات ، ويتمثل “في كيفية منع الحزب من حدوث انسحابات واستقالات وإمكانية توقيف تفكك العلاقة بين الحزب وهياكله التي تكن الإحترام والتقدير للخطاط ينجا”، بإعتبار “أن قيادة الحزب مركزيا ضيّعت فرصة جعل جهة الداخلة تنسيقية جهوية غير تابعة لتنسيقية العيون ما كان سيمنح الحزب دفعة قوية لمواصلة مساره في إكتساح الدوائر الإنتخابية والبقاء ضمن الأحزاب الأوائل في حصد المقاعد البرلمانية . ”.
وبخصوص النوع الثالث من هذه التحولات، فهو “سياسي ويقوم على نوعين من الملاحظات ، الأولى أن الحزب الآن خضع لعملية جراحية ويحتاج إلى مدة طويلة للشفاء حتى يعود إلى المنافسة السياسية والانتخابية بقوة ”، ما سيؤثر على الحاضنة الاجتماعية التي توسعت وكبرت إبان فترة الخطاط ينجا ، ولكن الصراع الداخلي الذي حصل مؤخرا يجعل الحزب محليا في حاجة إلى إعادة تجميع هذه الحاضنة بقوة، وهو أمر صعب لكون الأحزاب الأخرى تتحين الفرصة لتقديم عروضها للخطاط من أجل الإنضمام لها ليس كفرد واحد بل فرد وبقاعدة جماهيرية كبيرة ”.
وفي هذا الصدد، يرى الكثير من المحللين للوضع السياسي أن الغياب الشبه مؤكد للخطاط ينجا عن الساحة السياسية مستقبلا سيؤثر على حزب الإستقلال ، لأن غيابه سيدفع العديد من قيادات حزب “الميزان” جهويا إلى النهاية السياسية، لكونه بنى إستراتيجيته على مواجهة “التحديات” ، بإعتبار أن غيابه سيخلق أثرا عند “الأحزاب” الأخرى ، إذ من المتوقع أن يقود هذا الغياب إلى بداية ضعف الميزان محليا ، بإعتبار ان الدور الذي كان يلعبه الخطاط واسماء أخرى معه ، انتهى بنهاية عدم الوصول إلى تحقيق مطلب عزل تنسيقية جهة الداخلة وادي الذهب وبقائها خاضعة لتدبير المنسق الجهوي للجهات الثلاث حمدي ولد الرشيد .
