تزامنا مع إفراج الحكومة على مسودة مشروع مرسوم تقنين رخص استغلال مقالع الرمال في السواحل ، وما سيثره من نقاش في صفوف النشطاء البئيين ، إذ لابد و في هذا الصدد من دق ناقوس الخطر بجهة الداخلة ، نظرا لما يميز هدا الحيز الجغرافي من فوضى عارمة في أشكال استغلال المقالع ، التي تلقي بظلالها على المنطقة ككل ، والتي لم تراعي قط البعد البيئي الهش للمنطقة وما يطرحه دلك من تحديات ومخاطر بيئية واجتماعية واقتصادية متزايدة باستمرار.
فمن خلال جولة ميدانية بمناطق النفوذ الترابي لجهة الداخلة وادي الذهب على مستوى المناطق التي منحت فيها رخص إستغلال ، يبرز جليا التواجد المكثف لعدد المقالع سواء المخصصة للرمال أو الأحجار، والتي ارتفع عددها في الآونة الأخيرة بشكل كبير، والذي يمكن تفسيره بتزايد وثيرة البناء خصوصا المشاريع الكبرى كالميناء الأطلسي ، وكدا تزايد الطلب على المواد الرمال والحجارة خاصة الموجهة منها الى باقي المشاريع الأخرى.
وتتميز اغلب المقالع المتواجدة بالمنطقة، بتموقع العديد منها مباشرة بالقرب من الطريق وما تطرحه من مخاطر محتملة :
أولا على مستعملي الطريق : نتيجة خروج الآليات وتساقط المواد المنقولة بواسطة العربات وما قد تخلفه هده الأخيرة من أضرار على البنية التحتية الطرقية.
ثانيا على الغطاء النباتي وعلى الأتربة: فتوسيع فضاءات اجتثاث الغطاء النباتي الغابوي على مستوى مناطق الاستغلال ، إضافة إلى تغيير المعالم الطبيعية .
ثالثا على الساكنة المجاورة لهذه المقالع : وما قد يترتب عن ذلك من مخلفات لا تحمد عقباها من قبيل تراكم مستنقعات المياه الملوثة وما يصاحبها من انتعاش للميكروبات والحشرات الضارة.
نزولا عند مختلف هذه الإختلالات الملموسة التي تشوب عملية الاستغلال وما تطرحه من مخاطر وتحديات، نتسائل حول مدى التزام وتقيد الشركات و المؤسسات أو الأشخاص المستغلين للمقالع بدفاتر التحملات التي تنظم عملية الاستغلال وبدراسات الوقع على البيئة ؟ ثم ما هي الإجراءات الوقائية للحفاظ على الغطاء النباتي وعلى صحة الساكنة المجاورة التي ما فتئت تشتكي من مخلفات المقالع ووحدات تكسير الأحجار ؟.
من المؤكد إذن انه لا يمكن إقامة مشاريع عملاقة من فراغ ولا يمكن خلق تنمية تحقق الاستقرار والرفاهية لساكنة الجهة في ظل منظومة بيئية هشة ومهددة باستمرار ، فكل اختلال في توازن هده المنظومة يقابله تهديد للوجود البشري ، أليس الصواب إذن عقلنة استغلال الموارد وتحقيق التنمية المستدامة في شتى أبعادها.
من هذا المنطلق نستفسر أنفسنا محليا على غرار باقي أرجاء الوطن أين نحن من هذه المعادلة ؟ هل نفكر في المستقبل ونخطط لأجيالنا أم نعيش من أجل جمع المال والثروة ولو على حساب الطبيعة والأجيال المقبلة؟ ألا يستدعي الأمر التأني ومراجعة حساباتنا ونظرتنا للحياة .