الداخلة .. الكادحين المشتغلين بالسفن ومراكب الصيد ضحية للسيبة التدبيرية

هيئة التحرير23 نوفمبر 2022آخر تحديث :
الداخلة .. الكادحين المشتغلين بالسفن ومراكب الصيد ضحية للسيبة التدبيرية

بقلم : سفيان العباسي

يعتبر قطاع الصيد البحري، بشقيه الساحلي وبالأعالي، من أسوء القطاعات فيما يخص ظروف العمل و مدخول العاملين ومخاطر الحوادث والموت ، وهو أيضا من أكثر القطاعات تخلفا فيما يخص الإعتناء باليد العاملة ، علما أنه يشغل نسبة هامة منها ، والتي تحتل فيها الشغيلة الوافدة إلى جهة الداخلة وادي الذهب نسبا عالية ، إلى جانب قطاعات أخرى كالسياحة وصناعة تحويل الأسماك وغيرها ، والتي تعتبر في مجملها إحدى أهم مصادر خبز الكادحين .

ولتوضيح اوجه الكدح والبؤس سنحاول التحدث عن قطاع الصيد البحري في الشق المتعلق بالمراكب والسفن وعلاقتهم بالكادحين المشتغلين والباحثين على عمل ؟

قد يطرح السؤال بمرارة حول الحديث المتواصل عن المصاعب التي تواجه أرباب مراكب الصيد بينما يتم غض الطرف بشكل شبه كامل عن أوضاع كادحي البحر والسيبة التدبيرية التي يعانونها بسفن أعالي البحار وبمراكب الصيد الساحلي ؟

بداية وللإجابة عن هذا السؤال يجب ان نفهم أن قطاع الصيد البحري ينقسم إلى قسمين : الصيد الساحلي ويشمل الجيابات(مراكب الجر) و مراكب السردين ومراكب الخيط والقوارب (الفلوكة).

الصيد بأعالي البحار : ويشمل الجيابات المغربية وجيابات الاتحاد الأوروبي وروسيا وغيرها.

سنبدأ بما هو عام ثم نتناول أوضاع بحارة كل قسم . فحسب الأرقام الرسمية هناك عدد كبير من المهنيين العاطلين عن العمل ، فالبطالة حديث الساعة بين البحارة بالميناء وفي بيوتهم و أينما حلوا ، وقد فاقمها قرارات القطاع الوصي ، من جهة وتقليص الطاقم العامل في جيابات أعالي البحار من جهة أخرى ، وهذا الاتساع الكبير للبطالة هو ما يفسر قبول كادحي البحر لأوضاعهم البئيسة وخنوعهم أمام جشع الباترونا ، فترى العاملين متشبتين بأماكن عملهم بأجور الجوع وشروط مضنية بل إنهم يقبلون الإبحار دون توفر أدنى شروط سلامة السفينة ومستلزمات الإنقاذ ،
هذا على وجه العموم ، أما بخصوص عمال الصيد بالأعالي فهم يقبلون العمل بالشركات حتى بدون عقود شغل ، وإن كان لا يضطلعون على مضمونه ، بل وحتى دون توقيعه وهو ما يتنافى مع النص القانوني .

ويقبل العاملون اليوم الإبحار بمؤونة لا تناسب ما يبذلونه من جهدو، فلا هي جيدة ولا كافية ، كما يرضون بأجور هزيلة علما أنها تتأخر شهورا عديدة.

فبالنسبة للعاملين بالصيد الساحلي ، فأول ما يميزهم هو العمل بنظام الحصص و ليس بالأجرة ، وهذا ما يسهل لمجهزي المراكب اختلاس أموال البحارة بتضخيم المصاريف لتقليص حصة البحار ، وثاني خاصية هي التكاثر المخيف للحوادث في صفوف المهنيين ، مما يخلف أرامل وأيتام بلا مصدر عيش ، فكم من بحار فقد وخلف مشردين لا يعرف مصيرهم ، وهنا لا بد من الوقوف عند انعدام شروط سلامة سفن الصيد ، إذ يتحمل المسؤولية التامة أرباب المراكب .

فلا شك أن الكثير من ملاك السفن والمراكب إعتادو التحايل على مقتضيات القانون بمختلف الطرق لاقتصاد ما تكلفه شروط السلامة ومستلزمات النجدة ، فكم مرة شهد البحارة طافيات ووسائل إغاثة و أدوات الإنذار تحضر من مركب آخر ساعة فحص سلامة المركب لتختفي الى حين موعد الفحص المقبل ، وكل هذا في خضم شائعات قوية حول الرشاوي المقدمة للحصول على شواهد إثبات توفر شروط السلامة ، وفي المقابل يبقى البحارة في إطار السعي لكسب لقمة العيش يكتمون أنفاسهم الى أن يكتموا ذاتهم في أعماق البحر أو في حوادث عرضية ولا من يلتفت الى هذه الفئة من البحارة ، ولكم في الحوادث المتكررة والتي كان أخرها إحدى سفن RSW يوم أمس بميناء الداخلة العبرة والموعظة .

أضف إلى كل ما سلف ، تراكم مشاكل أخرى يعاني منها العاملون بالبحر ، فبدون الغوص في مشكل الضمان الاجتماعي نكتفي بالإشارة إلى التهميش وضعف الأجرة وإنعدام شبه تام لشروط السلامة الصحية داخل السفن والمراكب التي تهتم بالمداخيل بدل العمال والمهنيين ، وهذا في حد ذاته مشكل مطروح على الجهات الرسمية التفكير فيه مليا لأجل وضع حد لهذه التجاوزات والسيبة التدبيرية الحاصلة في ميدان الصيد الساحلي وبأعالي البحار !!! مطلب يبقى معلقا ينتظر من يتفاعل معه لأجل هذه الشريحة الكادحة التي تعاني في صمت .

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة