لماذا تعالت أصوات و انتقادات الهيئات والجمعيات المكلفة بالتخييم في هذه الأيام ؟ سؤال بات يفرض نفسه بقوة أمام تناسل هيئات مدنية تعتبر نفسها جزءا لا يتجزء من المنظومة التربوية و طرفا رئيسيا في القضايا التي تهم التخييم ، الأمر الذي جر عليها غضب الكثير من الهيئات الأخرى التي لا تنظر إلى تحركاتها بـ”عين الرضا”.
وشهدت هذه الأيام الماضية شدا وجذبا بين جمعية نالت الدعم المالي في أخر دورة للمجلس الجهوي وبين المكتب الجهوي للجامعة الوطنية للتخييم ، تبادل فيه الطرفان الاتهامات ؛ فقبل يومين خرج رئيس الجمعية وأعضاء معه لتوضيح اللبس عند البعض بخصوص مجموعة من القضايا تهم الشأن التربوي والتخييم تحدث فيها عن التطور التاريخي بإعتباره أحد الكوادر التي ناضلت في هذا المجال لسنوات عديدة وأعطت الغالي والنفيس ، وهو ما رد عليه رئيس المكتب الجهوي معتبرا أن كل ما مرر هو مغالطات ، داعيا السلطة التدخل العاجل لفتح تحقيق في الجمعية وأعضائها ، مضيفا في ذات السياق ان رئيس الجمعية ، سبقته أطر وكفاءات الى الميدان قبل التحاقه بالعمل سنة 1993 ، وان ما قاله رئيس الجمعية بخصوص الدعم مجرد ضحك على الدقون .
في المقابل يرى العديد من المتابعين للشأن العام المحلي أن هذه الصراعات التي تكون نتيجة للصراع المالي ، الذي يقدم لجمعية او هيئة معينة دون أخرى قد تكاثر بشكل أدى الى “تمييع العمل الجمعوي”، ما يستدعي تدخل السلطات والجهات المعنية بهدف التصدي لهذه المسألة وضبطها، في وقت يثير البعض الأخر الشكوك حول الأهداف والأجندات التي تحكم تحرك بعض الجمعيات والفاعلين فيها، و”توظيفها في تصفية الحسابات السياسية والنيل من الخصوم”.
إن “موضوع دعم الجمعيات الفاعلة في ميدان معين يدعونا إلى استحضار التوجهات الكبرى للوثيقة الدستورية لسنة 2011 ، لأن الوضع أصبح مختلفا ، على اعتبار أن هناك بابا في الدستور يتحدث عن الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة” ، فموضوع الدعم الذي آثير قبل أيام بين الجمعية والمكتب الجهوي للجامعة الوطنية للتخييم ، يدخل في إطار تصفية الحسابات الضيقة بالإضافة إلى انه يؤجج الصراعات الشعبوية والحزبية”، فالكثير من الهيئات المدنية و الجمعيات في الغالب ما تكون محسوبة على جهات معينة يجمعها لون حزبي واحد ، بل أكثر من ذلك ،انها لا تعمل وفق طريقة موضوعية وجدية أكثر من أنها تستهدف مطاردة الدعم المالي وما تقدمه المجالس المنتخبة للجمعيات والهيئات المهنية.
فالنقاش الدائر حول الجمعيات المهنية المهتمة بالشأن التربوي والتخييم ، والتشكيك في مصداقيتها ، أمر طبيعي وصحي وينبغي أن يكون حاضرا ؛ لكن على الجميع أن يتحمل مسؤوليته ، لأن كل قول أو فعل ينبغي أن تكون له مصداقية، فوسائل الإعلام والتواصل الحديث تنقل كل شيء، وهذا ينطوي على خطورة كبيرة”، إذ أن “الجميع محكوم بمسألة الجدية والمصداقية أولا وأخيرا، وإلا ستكون هناك انعكاسات سلبية وخيمة على مسار المؤسسة أو الهيئة في جميع المجالات مستقبلا ، وسيفتح باب ربط المسؤولية بالمحاسبة أمام الجميع دون إستثناء ”.