المستثمر الناجح بالداخلة ما يميزه عن غيره من المستثمرين الفاشلين ؟( الصيد البحري نموذجا)

هيئة التحرير14 يناير 2023آخر تحديث :
المستثمر الناجح بالداخلة ما يميزه عن غيره من المستثمرين الفاشلين ؟( الصيد البحري نموذجا)

بقلم : أحمدو بنمبا

إن الاستثمار الناجح ليس بصعوبة خارقة لا يستوعبها العقل ، بل أسهل مما يتصوره الإنسان ، فقط تستوجب توفر العزيمة والإستقامة والهدف ثم الخطة الواضحة المعالم للوصول إلى ذلك الهدف ، وبطبيعة الحال المال وكيفية إستثماره بطريقة تتناسب مع الوقائع والإحتمالات ، ولكم في الإستثمارات الناجحة لبعض رجال الأعمال بجهة الداخلة المثال الأبرز إذا ما تحدثنا عن ( م ز) مالك مجموعة كينغ بلاجيك والتي نجحت في كل المجالات الإقتصادية الإجتماعية و البيئية ، وفي المقابل فشل بعض الإستثمارات التي لم يكن أصحابها بقدر من المسؤولية الملقاة على عاتقهم بل وبرهنوا على فشلهم الإستثماري إذاما إستدلينا ب ( س ل) مالك وحدة تجميدية تشتغل في معالجة وتجميد الأخطبوط ، ففشله لم يكن فقط في الجانب الإقتصادي فقط ( كثرة الديون ) حتى الفشل إمتد إلى الجانب الإجتماعي ( لا مؤسسة للأعمال الإجتماعية ولا وجود لإمتصاص البطالة ) الفشل في الجانب البيئي( إستنزاف الثروة السمكية في أيام الراحة البيولوجية ) ..
في هذا المقال سنحاول التركيز عن ما يميز المستثمر الناحج عن غيره من المستثمرين الفاشلين وسنتخذ قطاع الصيد البحري مجالا للمقارنة .

إن المنطق الذي يقوم عليه الاستثمار الناجح بقطاع الصيد البحري بجهة الداخلة وادي الذهب على سبيل المثال هو غاية في البساطة والسهولة ، يقوم على منطق شراء السمك بثمن بخص ثم بيعه لاحقًا بسعر أعلى وبأسواق أخرى قد تكون وطنية أو عالمية كالسوق الأوروبية ، إلا أن هناك مجموعة من المستثمرين بالقطاع قد تفشل في تحقيق أي مكاسب معتبرة وربما تخسر أموالها أصلًا ، في مقابل مجموعة قليلة جدًا من المستثمرين تستطيع تحقيق مكاسب شبه مستمرة على مدى فترات طويلة ، وهو ما يستدعي السؤال التالي : لماذا يوجد لدى بعض مستثمري قطاع الصيد البحري ما يشبه اللمسة السحرية تجاه إستثماراتهم في ذات القطاع ، في حين أن آخرين يبدون وكأنهم يعطون استثماراتهم بالقطاع نفسه التي قرروا حيازتها قبلة للفشل ؟
الفارق بين الاثنان هو فارق في المنهجية والأساليب ، والسطور التالية تستعرض بعضًا من أبرز الأساليب التي تقف وراء النجاحات التي يحققها كبار المستثمرين بقطاع الصيد البحري .

منهجية واضحة في تقدير الإستثمار :

قال الرئيس الأمريكي السابق “أبراهام لينكولن” ذات مرة : “إذا كان لدي ثماني ساعات لقطع شجرة ، كنت سأقضي ست ساعات في شحذ فأس” ولعل ما قصده من عبارته هو أن الاستعداد الجيد يمكنه أن يسهل عليك أصعب المهام.

هناك سمة مشتركة بين كبار المستثمرين بقطاع الصيد البحري وهي أنهم جميعًا لديهم منهجية واضحة لتقييم منتوجاتهم التي يفكرون في شرائها ليعرفون ما إذا كانت قيمتها العادلة أعلى أو أدنى من سعرها السوقي ، وفي سعيهم للتعرف على القيمة العادلة يقوم المستثمر الناجح بدراسة كل الجوانب المالية للشركة بما في ذلك الإيرادات والأرباح والتدفقات النقدية ، وبمجرد أن يعرف المستثمر القيمة العادلة للمنتوج يصبح أكثر قدرة على تجاهل الضوضاء في السوق ليتخذ قراره بمعزل عنها ووفق عوامل موضوعية بحتة ، فإذا كانت قيمة المنتوج دون سعره بفرق معتبر اشتراه حتى لو كان كل المشاركين في السوق يهربون منه ، وإذا كانت أعلى من سعره ابتعد عنه حتى لو وجد الجميع يتزاحمون عليه.

وهنا تجب الإشارة إلى نقطة في غاية الأهمية وهي أهمية أن يكون لدى المستثمر هامش الأمان ، بمعنى أنه لا يشتري المنتوج إلا عندما يكون سعره أقل من قيمته العادلة و المحسوبة بفارق معتبر ، وهو الفارق الذي سيحميه بشكل ما من الخسارة لو كانت افتراضاته حول قيمة المنتوج خارجيا غير دقيقة.

الالتزام بالخطة في أحلك الظروف:

السمة الثانية التي تميز المستثمرين الناجحين في قطاع الصيد البحري هي أنهم يمتلكون القدرة على الالتزام باستراتيجياتهم وخططهم حتى عندما تتعارض مع توجهات منافسيهم ، وهذا شيء صعب جدًا ويتطلب قدرة نفسية كبيرة ، لأن البشر بطبعهم اجتماعيون ويتوقون دائمًا إلى الحصول على اعتراف الآخرين بمنطقية قراراتهم ،فالواحد منا يشعر بالراحة حين يعلم أنه في نفس المركب التي تحمل غيره ، لأنها إن غرقت لن يغرق وحده ، وهو ما سيخفف قليلًا من شعوره بالألم والندم إذا حدث السيناريو الأسوأ، فكما يقول المثل الإنجليزي القديم “البؤس يحب الرفقة”، وللأسف عادة ما يكون البؤس من نصيب المستثمرين الذين يتحركون مع تقلبات السوق بشكل أعمى ، وللأسف الشديد يتخلى أغلب المستثمرين وخصوصًا ضعيفي الخبرة منهم عن خططهم واستراتيجياتهم مهما كانت درجة اقتناعهم بها بمجرد تعرض السوق لهزة أو تقلبات عنيفة مفاجئة ليخرجوا منه تاركين وراءهم كل شيء ، وهو ما يضاعف من خسائرهم ويحرمهم من مكاسب كبيرة كان بإمكانهم تحقيقها لو أن لديهم قدراً جيداً من الانضباط ورباطة الجأش يساعدهم على الثبات في هكذا مواقف.

التعايش من التقلبات:

واحدة من أهم وأصعب المهارات التي يمتلكها المستثمرون الناجحون هي قدرتهم على التعايش مع تقلبات السوق وقبول حقيقة أنها جزء من اللعبة وليست شرًا مطلقًا ، وتكمن صعوبة هذه المهارة في كون أن التقلبات تشعرنا أصلًا بالقلق وعدم الراحة ، الأمر يشبه تمامًا المطبات الهوائية التي تمر بها الطائرة في الجو وتتسبب في توترك بسبب تكرارها وعدم قدرتك على فعل أي شيء حيالها.

لكن على عكس المطبات الهوائية التي قد تؤدي إلى شعورك بالغثيان، يمكن أن تصبح تقلبات السوق صديقك الصدوق ، فبإمكانك استغلال التقلبات العنيفة المفاجئة التي يمر بها السوق من آن لآخر في اقتناص الفرص الجيدة التي لن تتكرر.

ولذلك عندما يهتز السوق وينصرف الجميع يبتهج المستثمرين الأذكياء ، حيث إنهم يدركون أن هذه التقلبات في الأغلب مؤقتة وأن السوق سيرتد عاجلًا أو آجلًا لأن أساسياته ما زالت في حالة جيدة ولا تبرر ذلك التراجع، ويفهمون في الوقت ذاته الفارق بين التقلبات والمخاطر.

إنما سبق ما هو إلا عينة من الصفات التي يتحلى بها المستثمرون الناجحون ، والذي يتطلب النجاح فيه قدراً معقولاً من الأناة والتُّؤدة، فكما يقول المستثمر الأمريكي الشهير “جورج سوروس”: “إذا وجدت الاستثمار مسليًا وإذا كنت تستمتع وأنت تمارسه فأنت على الأرجح لا تجني أي أموال ، الاستثمار الجيد ممل في الحقيقة “.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة