ريع الثروة السمكية المغربية بين رخص التثمين وكوطات الهدر !

هيئة التحرير4 مارس 2021آخر تحديث :
ريع الثروة السمكية المغربية بين رخص التثمين وكوطات الهدر !

مراد بورجى

جميل أن تتفاعل السيدة الكاتبة العامة لوزارة الصيد البحري مع ما ورد في المقال حول عدم تفعيل الخطاب الملكي بخصوص أوامر الملك محمد السادس بتثمين الثروة السمكية بالجنوب المغربي.

وجميل جدا أن تدعو هذه المسؤولة رقم 2 على قطاع الصيد البحري بالمغرب إلى اجتماع طارئ حول نشر معلومات وردت في تقرير دولي يُستخلص منه أن أكثر من مليون طن من دقيق السمك وزيوته تم طحنها من طرف شركات مغربية وتصديرها للخارج خلال السنوات الست الأخيرة مقابل أكثر من مليار ونصف المليار دولار أمريكي، أي ما يعادل 1500 مليار سنتيم.

لابد أن السيدة الكاتبة العامة “الآمرة الناهية” في الوزارة والوصية على ثروة المغاربة السمكية  هي التي تنفرد بالتأشير على معظم القرارات المتخذة بخصوص ملفات الحصول على “كوطات” الصيد الساحلي بسبب انشغالات وزيرها عزيز أخنوش بمسؤليات الحقائب الكبيرة والكثيرة التي يتقلدها، زيادة على مسؤولياته السياسية والحزبية، التي قد تشغله عن التدقيق في الآليات والشروط، التي بموجبها تُعطى لأشخاص وشركات هذه “الكوطات” كحصص ترخص لهم صيد مليون طن من الأسماك السطحية الساحلية.

فالسيدة الكاتبة العامة، الحاصلة على دكتوراه من بلجيكا، سطع نجمها منذ أن كانت نائبة لمدير مديرية الصيد البحري أيام عبد السلام الفحفوحي، الذي أخذت مكانه، ثم بعد سنوات قليلة عُينت على رأس الكتابة العامة لوزارة الصيد البحري، وكادت أن تصبح كاتبة الدولة بوزارة الصيد البحري، عندما أحدث رئيس الحكومة المعين، سعد الدين العثماني، هذا المنصب.

ولولا أن السيدة الكاتبة العامة للصيد البحري فوجئت بأن ملك البلاد عيّن في هذا المنصب امباركة بوعيدة، التي تنتمي لأسرة عارفة بخبايا قطاع الصيد البحري، وذلك لأعادت ضبط هذا القطاع.

هذا القطاع الذي كانت له من قبل وزارة مستقلة عن وزارة الفلاحة، وكان على رأسها وزير إلى أن ضمها الوزير الأول الأسبق عباس الفاسي لها.

مباركة القصر لإحداث منصب كاتبة الدولة في الصيد البحري وتعيين بوعيدة على رأسه وليس غيرها، كان إشارة إلى أن وزارة الصيد البحري يلزمها شخص من المنطقة الجنوبية يستطيع أن يوقف هدر الثروة السمكية، وأن يُعلن الحرب على جيوب المقاومة بهذا القطاع.

وكان من شأن هذا المنحى أن يعيد الاعتبار إلى مسؤولي الوزارة في هذا القطاع، وأن يساعدهم على إرجاع الأمور إلى نصابها، وعلى القطع مع أي تسيّب مبني على الغموض، الذي يوحي بأن البعض من المستفيدين لهم حظوة لدى جهة عليا، أو لهم توصية من فوق!.

فالملك محمد السادس، الذي هو على رأس هرم الدولة، صرّح، في أكثر من خطاب، أنه لا يحابي أحداً، وحذر لمرات عديدة من الاختباء وراء القصر ومحيطه، خصوصًا أن الملك نفسه فضح، عبر بلاغ صادر عن القصر، التلاعبات بالتعليمات “الكاذبة”، التي حاول أحدهم يوماً فرضها على أعضاء مجلس المنافسة بشأن إصدار عقوبات على أصحاب المحروقات.

لقد كان موقفا واضحا وصريحا نفى به القصر أي تدخّل له، بل وعيّن الملك لجنة عليا للتقصي والبحث مع رئيس مجلس المنافسة للجواب عمن حاول إرغام أعضاء المجلس على العدول عن قرار قرروا اتخاذه، والحقيق في من أوهم هؤلاء الأعضاء أن هناك تعليمات صدرت من فوق ترغمهم على العدول عن قرارهم.

هكذا هو مغرب اليوم، وكان هذا أمر من الملك محمد السادس شخصياً للمرؤوسين لفضح أي شكل من أشكال التدخل والتخويف، ولوقف الاجتماعات “الصورية” لمسؤولين شرفاء أصبحوا يلعبون دور الكومبارس في لجان توقّع على قرارات اتخذها غيرهم في ظروف غامضة.

ليس القصد، هنا، أننا نقلّل من كفاءة أي أحد، أو نطعن في ذمة أحد، خصوصا السيدة الكاتبة العامة، التي إن كانت ومازالت تسيّر قطاع الصيد البحري في الوزارة، فهذا بحكم تمرسها واضطلاعها بخبايا هذا القطاع، إلى درجة أن البعض أضحى يلقّبها بـ”العلبة السوداء”.

وهذا لا يعني أنها لن تستطيع شغل منصب كاتبة الدولة في الصيد البحري، أو حتى وزيرة لهذا القطاع.

بل لو كانت الكاتبة العامة وضعت يدها في يد كاتبة الدولة الجديدة على القطاع أنذاك، ستجعل هذه الأخيرة تتحمل مسؤولية السابق واللاحق.

وبحكم أن كاتبة الدولة معينة من طرف الجالس على العرش شخصياً، كانت تستطيع بذلك مجابهة أي كان لوقف أي نزيف في هذا القطاع.

وكانت ستكون لها القدرة على محاربة جيوب المقاومة به، بما أنها كانت تستطيع رفع تقارير لملك البلاد في كل مجلس وزاري.

إلاّ أن الجميع فوجئ بمرسوم غامض وغير مفهوم يسحب البساط من تحت كاتبة الدولة المعينة مباركة بوعيدة، ويقزّم من مهمتها، ويضع جل صلاحيات قطاع الصيد البحري بيد الكاتبة العامة للوزارة، ابتداءا من مهمة إعداد وتنفيذ سياسة الحكومة في ميادين الصيد البحري وتربية الأحياء البحرية وصناعات ومعالجة وتحويل منتجات الصيد البحري، وكذا في ميادين الملاحة والتكوين البحري والبيئة البحرية المتصلة بالصيد البحري وغيرها، ونهاية إلى وثيقة موقعة من طرف عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، يوسّع من خلالها صلاحيات الكاتبة العامة لقطاع الصيد البحري بتخويلها صلاحية التوقيع بدله في مختلف القرارات الإدارية والتنظيمية المتعلقة بالقطاع.

صحيح هذه السيدة الكاتبة العامة، ليست إلاّ موظفة ملزمة بتنفيذ قرارات صادرة من سلمها الإداري.

وهذه مسؤولية جسيمة وأمانة حمّلها اياها وزيرها عزيز أخنوش بسلبياتها قبل إجابياتها.

وهذا ما يجعلها اليوم في الواجهة، ومعرضة للمساءلة تحت طائلة ربط المسؤولية بالمحاسبة التي تعهد الملك الإشراف عليها بنفسه.

“شي كيربح لفلوس، وشي كيتحاسب عليها”.

وحتى لا نتيه في مسطرة الشكل عن الجوهر، سنرجع إلى موضوع المليون طن المطحونة، لنقول للسيدة الكاتبة العامة المحترمة، أن  الإجتماع الطارئ ليوم الجمعة الماضي:

أن الذي أخذ فيه الحيز الكبير من الوقت، هو البحث عمّن نشر المقال؟.

ومن وراءه كاتبه؟.

ومن يصفّي الحسابات ومع من؟!.

في حين أن مقالتي كانت واضحةً جدًا، ومباشِرةً وعمليةً، إذ وضعت بعض النقط على الحروف.

ولاستكمال بقية النقط والحروف، طلبنا جواباً  عن سؤالنا حول ما إذا كانت هناك خروقات من عدمها؟.

وطلبنا إصدار توضيح للرأي العام الوطني حول ملفات رخص الصيد البحري، ومن وكيف يتم استغلالها؟.

وهل فعلاً يتم طحن السمكة بكاملها لإنتاج الدقيق والزيوت، أم فقط بقاياها، لنفهم الأرقام التي وردت في تقرير منظمة IFFO؟.

وهل ثنائيات المعمل، الباخرة، ومنطق المجموعات الاقتصادية هو أساس التراخيص؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة