كشف التقرير السنوي لـالوكالة القضائية للمملكة عن معطيات مهمة بخصوص الطعون القضائية المرفوعة ضد القرارات التأديبية الصادرة عن الإدارات العمومية، خاصة تلك المتعلقة بعقوبة العزل بسبب ترك الوظيفة. وأبرز التقرير أن بعض الأحكام القضائية أفرزت إشكالات قانونية وعملية أثرت على مبدأ مشروعية القرارات الإدارية واستقرارها.
وأوضح التقرير أن الوكالة تضطلع بدور محوري في تدبير دعاوى الإلغاء المرتبطة بالعقوبات التأديبية، حيث نجحت في عدد كبير من الملفات في استصدار أحكام قضائية قضت برفض الطعون، بعدما اعتبر القضاء أن القرارات المتخذة مؤسسة قانونًا ومتناسبة مع جسامة الأفعال المنسوبة للموظفين المعنيين. غير أن التقرير أقر، في المقابل، بإلغاء بعض قرارات العزل، ما استدعى إخضاعها لدراسة تحليلية معمقة.
وكشفت هذه الدراسة عن وجود اختلالات بنيوية في تنزيل مقتضيات الفصل 75 مكرر من النظام الأساسي للوظيفة العمومية، خاصة في ما يتعلق بتكييف حالات الغياب واعتبارها تركًا متعمدًا للوظيفة. وأبرزت الوكالة أن عددًا من قرارات الإلغاء ارتبط بتقديم موظفين معزولين لشواهد طبية تثبت إصابتهم بأمراض نفسية أو عقلية، وهو ما أكدته الخبرة الطبية القضائية، واعتبره القضاء مانعًا قانونيًا يحول دون توصيف الغياب كترك متعمد للوظيفة.
وأمام هذه المعطيات، أوصت الوكالة الإدارات العمومية بتعزيز آليات المراقبة الاستباقية، واعتماد المعاينة الميدانية، واللجوء عند الاقتضاء إلى الخبرة الطبية المضادة، بما يحقق توازنًا بين حماية حقوق الموظفين وضمان مشروعية واستقرار القرارات التأديبية.
