دور غرفة التجارة بالداخلة في التصدي لزحف المنتجات المقلدة على المنصات الرقمية

هيئة التحرير26 يونيو 2025آخر تحديث :
دور غرفة التجارة بالداخلة في التصدي لزحف المنتجات المقلدة على المنصات الرقمية

الداخلة – جريدة الساحل بريس

في ظل الطفرة الرقمية والتوسع السريع لمنصات التواصل الاجتماعي، تشهد الأسواق الافتراضية اجتياحًا غير مسبوق للمنتجات المُقلدة التي تتخفّى خلف شعارات وعلامات تجارية معروفة، من الملابس والعطور إلى الساعات والإكسسوارات، ما يشكّل تهديدًا مباشرًا للمنتجات الأصلية وحقوق المستهلكين على حد سواء.

وبات من المألوف أن يصادف المتصفح العادي لإعلانات “فيسبوك” أو “إنستغرام” أو “تيك توك” صورًا لمنتجات تبدو في ظاهرها “فاخرة” بأسعار مغرية، تُروَّج تحت مسميات مختلفة مثل “نسخة طبق الأصل”، “جودة عالية”، أو “أوريجينال 90%”، بينما هي في حقيقتها نسخ مقلدة تتستر بمظهر الاحتراف وتخفي غشاً واضحاً في المضمون.

انتشار واسع وطلب متزايد

هذا الزخم في التسويق للمنتجات المقلدة يُغذّيه عاملان أساسيان: السعر المنخفض وسهولة الوصول. فالمستهلك، خاصة من فئة الشباب، ينجذب لتصميم منتج فاخر بسعر لا يتجاوز عشر قيمته الأصلية، دون الانتباه غالبًا إلى تداعيات ذلك، سواء من حيث الجودة أو الحقوق القانونية. كما أن البائعين لا يترددون في استغلال الفضاء الافتراضي لتجاوز القوانين وبيع ما لا يمكن بيعه علنًا في الأسواق الرسمية، بما في ذلك داخل جهة الداخلة – وادي الذهب، حيث تعرف التجارة الإلكترونية توسعًا لافتًا في السنوات الأخيرة.

المنتجات الأصلية تحت الضغط

في المقابل، تجد العلامات التجارية الأصلية نفسها أمام تحدٍّ متصاعد. فالمبيعات تتأثر بشكل مباشر بهذا الغزو الرقمي للنسخ المقلدة، إذ يصعب على العديد من المستهلكين التمييز بين المنتج الأصلي والمزيف في ظل الحملات الترويجية المُضللة. بل إن بعض الشركات اضطرت إلى إطلاق حملات توعوية على مواقعها الرسمية لتثقيف جمهورها حول كيفية اكتشاف المنتجات المقلدة، لا سيما في المدن النامية التي تشهد تحولات تجارية سريعة، مثل مدينة الداخلة.

آثار اقتصادية وقانونية

لا تقتصر آثار الظاهرة على الجانب التجاري فقط، بل تمتد إلى الاقتصاد الوطني والضمانات القانونية للمستهلك. فانتشار السلع المقلدة يضرب منظومة الضرائب، ويُضعف ثقة المستهلك في السوق، ويؤثر على فرص الشغل في الصناعات الأصلية. كما يُعرض المشتري لمنتجات قد تكون ضارة بالصحة، خصوصًا في ما يتعلق بمستحضرات التجميل والعطور التي تُصنّع دون رقابة.

نحو إطار جهوي منظم للتجارة الرقمية

في هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة إلى إرساء إطار جهوي متماسك لتنظيم التجارة الرقمية بجهة الداخلة – وادي الذهب، يُراعي خصوصيات السوق المحلية ويربط بين الدينامية الاقتصادية والتحولات التكنولوجية المتسارعة. ويُعد تفعيل دور غرفة التجارة والصناعة والخدمات بالجهة عنصرًا أساسيًا في هذا الورش، من خلال تبني مبادرات ميدانية لتأطير التجار ومواكبتهم في الانخراط الآمن في البيع الرقمي، وتنظيم ورشات تحسيسية حول مخاطر المنتجات المقلدة وأثرها على الاقتصاد المحلي.

كما أن الغرفة، إلى جانب المجالس المنتخبة والفاعلين المهنيين، مطالبة اليوم بلعب دور الوسيط المسؤول بين التجار والمنصات الرقمية، والعمل على بلورة توصيات عملية تُرفع إلى الجهات المركزية قصد تطوير ترسانة قانونية تتلاءم مع تطور السوق الإلكترونية.
إن إنشاء فضاءات رقمية تحت إشراف مؤسسات مهنية رسمية سيكون بمثابة خطوة حاسمة نحو ضمان منافسة شريفة، وحماية المنتج الأصلي، وتعزيز ثقة المستهلك في المعروض التجاري داخل جهة الداخلة – وادي الذهب.

> “الفرق بين التقليد والإبداع شاسع، ومن يشتري الوهم بثمن رخيص، قد يدفع ثمنه مرتين: مرة للسلعة، وأخرى لعواقبها”، يقول أحد خبراء التسويق الرقمي.

في عالم مفتوح على كل الاحتمالات، تظل جودة المنتج وصدق المعاملة حجر الزاوية في بناء الثقة بين البائع والمستهلك، وهو ما يتطلب وعيًا جماعيًا ومقاربة تنموية شاملة، تنطلق من الواقع المحلي لجهة الداخلة – وادي الذهب نحو أفق اقتصادي رقمي أكثر إنصافًا وجودة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة