في لحظة فارقة من تاريخ جهة الداخلة – وادي الذهب، يطرح سؤال جوهري نفسه بإلحاح: هل كانت المجالس المنتخبة على قدر الوعود التي قطعتها على نفسها منذ خمسة أعوام؟ وهل نجحت في تحويل الخطاب الانتخابي إلى منجزات ملموسة، أم أن العجز الإداري والتقاعس التنموي كان السمة الغالبة؟
التحليل الموضوعي يفرض أولاً التمييز بين صنفين من المنتخبين: من قضى عقودًا في منصبه دون أن يترك بصمة واضحة، ومن تقلّد المسؤولية حديثًا لولاية أو اثنتين، حيث لا تزال الحصيلة قيد التقييم. لكن المؤكد أن المواطن – وقد خبر التجربة السياسية المحلية – لم يعد يقبل بالشعارات، بل أصبح يقيس الأداء بالأثر المباشر على حياته اليومية وبحجم التحولات الملموسة على الأرض.
وهنا تبرز المقارنة التي تفرض نفسها: في ظرف سنة واحدة فقط، استطاع الوالي علي خليل أن يطلق دينامية تنموية غير مسبوقة، خصوصًا على مستوى البنية التحتية، مما جعل المدينة ورشًا مفتوحًا صباح مساء. هذه الإنجازات، وإن كانت بتعاون مع المجالس المنتخبة، تثير السؤال: لماذا لم تحدث مثل هذه الطفرة في السنوات السابقة؟ ولماذا احتاجت الداخلة إلى والي جديد كي تتحرك عجلة التنمية بهذه السرعة؟
الجواب، كما يبدو، يتجاوز الأشخاص إلى طبيعة العلاقة بين الإدارة الترابية والمنتخبين، بين المبادرة الفردية وروح المسؤولية الجماعية، وبين غياب رؤية حقيقية للمستقبل وحضورها. فحين تتوافر الإرادة السياسية، يصبح للمكان والزمان معنى، وتتحول المشاريع الكبرى – كالميناء الأطلسي – إلى رهانات حقيقية على جعل الداخلة بوابة المغرب إلى إفريقيا وجوهرة سياحية عالمية.
إن ما يعيشه المواطن اليوم ليس مجرد تغيير في وتيرة الأشغال، بل إعادة تعريف لدور المؤسسات المنتخبة نفسها: هل هي أداة تسيير يومي أم رافعة استراتيجية للتنمية؟ وهل يحق لمن مكث عقودًا في موقعه دون أثر يُذكر أن يطلب ولاية جديدة؟
الأسئلة مفتوحة، لكن المؤكد أن زمن المقارنة بدأ، وأن الداخلة تدخل مرحلة محاسبة سياسية غير معلنة، عنوانها: من صنع الفارق ومن اكتفى بالكلام؟