أوردت تقارير إعلامية نشوب حرب “كوطات الريع” بقطاع الصيد البحري ، بعد الإعلان عن طلبات عروض جديدة تتعلق ببوجدور، ثاني مدينة منكوبة بعد الحسيمة، حسب تصنيف وزارة الداخلية المغربية.
وبحسب تدوينة مطولة للصحفي مراد بورجة عممها على حائطها الفيسبوكي، فان وزارة الصيد البحري لم تحدد الحصص المخصصة لهذه العروض، والتي تركتها مفتوحة، مما فسح المجال للقول إن هذه الحصص قد تفوق الـ500 ألف طن، والتي ستنضاف إلى حصص المليون طن المرخصة، التي تستنزف الثروات البحرية.
الأسماك التي انقرضت تقريبا من شمال المملكة، والتي تعرضت ومازالت تتعرض للاستنزاف اليوم، هي الأسماك التي تستهلكها الطبقة الفقيرة والمتوسطة من المجتمع المغربي، وهي الأسماك السطحية كالسردين، والماكرون، والشرن، والاتشا، واللنشوبة، وغيرها…
فحسب آخر تقرير لسنة 2019، والذي صدر عن المنظمة الدولية لمراقبة الدقيق والزيوت المستخلصة من السمك «IFFO»، وهي منظمة معتمدة من طرف الأمم المتحدة، نجد أن المغرب قام بتصدير مليون و20 ألفا و674 (1.020.674) طنا، مكّنت فئة محددة من المصدرين من ربح ثروة ضخمة تقدر بأكثر من مليار ونصف المليار دولار أمريكي، وعلى وجه التحديد، تكلم التقرير عن 1.582.044.700 دولار أمريكي، خلال السنوات الست الأخيرة.
المشكل هنا، حسب ما كشفته مصادر الصحفي بورجة، أن الرقم المذكور في التقرير إذا ما أدخلناه في عملية تدقيق بسيطة نستخلص أن عدد الأطنان لا يمكن أن تشكل 15% من الأسماك المتحولة إلى دقيق وزيوت مصدرة، وهوما يعني أن فئة من هؤلاء المصدرين مازالت تقوم بإنتاج الدقيق والزيوت من خلال عملية الطحن، التي لا تعتمد على بقايا السمك السطحي “Guano” المتشكل من الرأس والذيل والأمعاء المرخصة لهذه المطاحن.
المسألة هنا، كما توضح مصادرنا، أن هناك عملية تعليق مدبر، أو عملية تحايل مقصود على الأمر الملكي، في خطاب أكادير، القاضي بتثمين المنتوج، والذي، بموجبه، جرى إنشاء المخطط الأزرق «أليوتيس HALEUTIS» لتطوير ومراقبة العملية اللوجيستية، من بداية صيد الأسماك، وتتبع مختلف مراحل إنتاجها، إلى غاية جاهزية استهلاكها وتصنيع بقاياها…
وهذا البرنامج خَصّص له المغرب، كما هو معلوم، حِصَصاً من كوطات تقدر بمليون طن، تم توزيعها بطرق يطعن العديد من المستثمرين والصناع في كيفية تحديد المستفيدين منها.
وهذا ما يفيد عدم استفادة العديد من المصنعين من هذه الكوطات، وإن كان، فبكميات هزيلة لذر الرماد في العيون.
ويقع هذا منذ سنة 2009، ورغم دفاتر التحملات، التي أعلنت عنها وزارة الصيد البحري والتي تفرض استعمال الصندوق لتحديد الكميات المصطادة وإحصائها عند التفريغ.
ويقع أيضا رغم اعتماد منطق التزاوج بين الباخرة والمصنع، وكذلك الإعلان عن الكوطات التي خصصتها وزارة الصيد البحري بعد حصص مدينتي الداخلة والعيون.
رغم كل ذلك، نجد أن البواخر العملاقة RSW استفادت من حصة الأسد ببوجدور نفسها، إذ استأثرت بكمية 76800 طن، ونفس نوع البواخر بمدينة الداخلة أيضا حازت كمية تبلغ 550400 طن، مع العلم أن هذا النوع من البواخر لا يمكنه أن يرسو بمرسى بوجدور الجديد، الذي لا يسعفه عمق المياه بالميناء لذلك.
معنى ذلك، أن هذه المدينة المنكوبة، بوجدور، لم تحصل من حصة كوطا المليون طن لاصطياد السمك السطحي سوى على 45500 طن، موزعة على 17 باخرة معظمها بدون مصنع، وأغلبها يسيطر عليها أشخاص لا يملكون لا مصنعا ولا حتى باخرة!
ولهذا، فإن هذه الكوطات تستخدم بواخر الغير بمبالغ مغرية تستفيد منها.
أكثر من هذا، فقد عمد المكتب الوطني للصيد بتفريد أثمنة خاصة للبعض تبين الفرق الشاسع في الثمن للكيلوغرام المبين بوصولات الأداء التابعة للمكتب بـ2,55 درهم مخصصة لميناء الصيد بالداخلة، ومبلغ 2,50 درهم لميناء العيون، في حين خصصت امتيازا لأحدهم بمبلغ منخفض جدا وهو مبلغ 2,29 درهم للكيلوغرام، الذي يوفر من خلاله المستفيد من هذه الكوطات أكثر من عشرة ملايين سنتيم في كل يوم صيد من أصل 30 طنا المرخص له بصيدها عن كل باخرة!
معظم هذه الكوطات لا يتوفر المستفيدون منها لا على مصانع ولا على بواخر، ومعظمهم أيضاً ليسوا من سكان هذه المدينة.
كما أن هذه البواخر الـ17 المحسوبة حصص كوطاتها الـ45500 على ميناء بوجدور، نجد أنها تفرغ حمولتها من السمك بهذا الميناء، ولكن ليس لفائدة المصانع المتواجدة بهذه المدينة التي كلفت أصحابها عشرات الملايير من السنتيمات، ولا تتوفر البتة على كوطات، ولو كيلوغرام واحد!
كما أن سكان هذه المدينة ليسوا هم المستفيدون من هذه الكوطات!
والأدهى أيضا أن معظم الكوطات، التي تم ترخيص الاستفادة منها، بموجب طلب عروض الموجه لمصلحة سكان بوجدور، ولم يستفد منها سكانها المنكوبون، قد انتهت صلاحيتها الاستفادة من حصصها منذ سنة 2017، لكن وبقدرة قادر، تم التمديد لحصصها الـ45500 دون الإعلان عن أي عروض لغاية اليوم!
ويتساءل أصحاب المصانع والسكان على حد سواء، هل إعلان العروض المنتهية طلبات عروضها الأولى في فاتح مارس، والثانية في فاتح أبريل المقبلين، هل ستنهي الكوطات الممددة، التي يستفيد أصحابها لتسع سنوات بدل خمس سنوات، التي حددتها طلبات العروض قانونياً؟
وفي الختام، وبالرجوع إلى التقرير إياه، نجد أن معظم المتدخلين، في هذا المجال، يقول إن معظم المليون طن، التي ذكرها التقرير وقام المغرب بتصديرها، ناتج عن اعتماد أغلب المصنّعين لطحن السمكة المصطادة بأكملها، وليس لبقاياها فقط كما يحدد ذلك مخطط التثمين أليوتيس ونظام المراقبة والتتبع، الذي يطلق عليه “سمكنا”، وذلك للأسباب التالية:
أولاً: غياب حصص الكوطات لذى معظم المصانع.
ثانياً: هيمنة أصحاب مصانع صناعة الدقيق والزيوت المستخلصة من السمك على أكثر من 70% من الكوطات، بصفة مباشرة أو غير مباشرة.
ثالثاً: توفرهم على بواخر عملاقة RSW.
رابعاً: طريقة صيد معظم بواخرهم العملاقة تعتمد تحديد تجمعات الأسماك والهجوم عليها بشراسة بشباك الجر السريع والمباغت بتقنية الصيد المعروفة عالميا ب: trawler الذي يحدث أضرارا جسيمة بالسمك المصطاد فيتلفه ويجعله بذلك غير صالح للاستهلاك، فينتهي بالمطاحن.
بذل الصيد بتنقية SEINER التي تحافظ على الثروة السمكية،
خامسا: استعمال السواد الأعظم من السمك المصطاد للحيلولة دون الخضوع لمراقبة منظومة “سمكنا” لنقل الطري غير خاضع للتتبع، إلى غير ذلك من الأساليب الملتوية التي يستعملها العديد من مصانع الطحن المذكورة.
وهذا ما يدفعنا الى القول إن التقرير، الذي تحدث عن المليون طن كان يمكن استغلاله بوجود منشآت التصنيع والتعليب للاستهلاك البشري، فيستفيد المغرب من حوالي 4 ملايير دولار تحرك عجلة الاقتصاد الوطني، ويستفيد ملايين المغاربة من أكثر من 3 ملايين طن من الأسماك السطحية، التي ضاعت خلال السنوات الست الماضية، عبر طحن بعض المصانع للأسماك كاملة بدل بقاياها وتحويلها لدقيق وزيت للاستفادة الحيوانية، التي حرمت وتحرم المواطنين المغاربة من الاستفادة من خيراتهم السمكية.
وفي غياب مصانع التعليب والاستفادة البشرية، فإن المنطقي والطبيعي يقول إنه يجب تخفيض كوطات المليون طن بدل رفعها إلى المليون ونصف المليون، التي تهدر في الاستهلاك الحيواني بدل الاستهلاك البشري مادامت هذه الثروات السمكية تضيع في مصانع الطحن.
مصدر الخبر
الجريد 24