لا شك أن شح عدد الأطباء الشرعيين في المغرب عموما يشكل عائقا كبيرا أمام تحقيق العدالة للضحايا ، وتظل القضايا الجنائية في المحاكم لفترات طويلة دون نطق الحكم فيها، وتطول معاناة أصحابها دون وجود بارقة أمل لحل يلوح في الأفق ، وعلى هذا الأساس بات من الواجب تأهيل الأطباء وإصلاح المنظومة القانونية الخاصة بعملهم لأجل إستقطاب أكثر عدد وسد الخصاص الحاصل في صفوف هذه الفئة من الأطباء .
إن مشكل ندرة الأطباء الشرعيين بالمغرب لاسيما جهة الداخلة يطرح إشكالا كبيرا بحكم ان الجهة تعرف تطورا كبيرا ونموا ديموغرافيا واسعا ،كذلك بوابة المغرب على إفريقيا ، وهي نقطة مهمة أثارها البرلماني ” عبد الفتاح المكي ” في مداخلته امام وزير العدل ” عبد اللطيف وهبي ” ، الذي بدوره تفاعل مع مداخلة المكي ، وادلى هو الأخر بإحصائيات تبرز ان المنظومة الصحية في هذا المجال مزالت متعثرة ولا تغطي الخصاص ، رغم ارتفاع الأرقام من 13 طبيب شرعي إلى 158 طبيب ، إلا ان هناك معطيات أخرى لخصها الوزير في هزالة ما يحصل عليه الطبيب في كل عملية تشريح طبي لمعرفة الأسباب وراء وفاة شخص في ظروف غامضة مثلا ، سواء بفعل فاعل او لا ، والتي لا تتحاوز 100 درهم لكل عملية تشريح !!
وفي ظل تتنوع القضايا التي تعرفها المحاكم لاسيما جهة الداخلة بين الوفاة الطبيعية والقتل العمد أو السم أو اداة حادة أو السقوط من علو، والحوادث المرورية والماس الكهربائي والحروق والانتحار والشنق والغرق وكتم النفس والخنق والاخطاء الطبية والاغتصاب و وتحديد سن الجاني وغيرها من القضايا التي لا يمكن للقاضي الوصول إلى حكم فيها بعيدا عن تقرير طبي قادم من أكادير ..
و يبقى مشكل ندرة الاطباء الشرعين مطروح بقوة على المسؤولين المباشرين عن القطاع ، حيث يظل الطب الشرعي حلقة العدالة المفقودة، ولا يمكن تحقيق العدالة في الأحكام، ومعرفة ملابسات وأسباب الحوادث في القضايا الجنائية من غير الاستعانة به، وتؤخر قلة الأطباء في هذا المجال التقارير الطبية الجنائية، ويجعل القضايا المنظورة أمام القضاء تستمر لفترات طويلة .