“المجال البحري الوطني… الموانئ بين التحديات وآفاق الحوكمة”

هيئة التحرير12 سبتمبر 2025آخر تحديث :
“المجال البحري الوطني… الموانئ بين التحديات وآفاق الحوكمة”

تشير الوقائع الأخيرة بالموانئ ، من استغلال مركب “الحسين” للوصول إلى جزر الكناري إلى إحباط محاولة مركب مشبوه بعد اختفاء “لاكلونتين”، إلى أن الموانئ الوطنية أصبحت نقاط مواجهة مباشرة للتحديات التي تهدد المجال البحري. فالموانئ ليست مجرد نقاط رسوّ، بل فضاءات استراتيجية تجمع بين الأمن والاقتصاد والمجتمع المهني، وتتعرض لضغوط متزايدة من أجل ضبط حركة المراكب ومراقبة العمليات التجارية والالتزام بالقوانين البحرية. هذه الضغوط تكشف عن الحاجة إلى تطوير آليات تنظيمية دقيقة، تضمن التوازن بين حرية النشاط المهني والأمن البحري والسيادة الوطنية.

ما يواجهه المغرب في الموانئ اليوم ليس قضية تقنية فحسب، بل اختبار لقدرة المؤسسات على إدارة حركة المركبات، وتعزيز الرقابة، وربطها بالبيانات في الزمن الفعلي. تنظيم الدخول والخروج، اعتماد أنظمة ترخيص إلكترونية موحدة، وربط كافة الجهات التنظيمية والبحرية بمنظومة موحدة، كلها خطوات تعزز من قدرة الموانئ على أداء دورها كمحاور استراتيجية للمجال البحري. الفكرة ليست مجرد منع الانتهاكات، بل بناء منظومة تجعل من الموانئ بيئة آمنة ومنتجة، تحمي الثروة البحرية وتدعم المهنيين.

في الوقت نفسه، لا يمكن للموانئ أن تكون فعالة بمعزل عن العنصر البشري. البحارة وحراس المراكب هم الخط الأمامي في حماية الموارد البحرية، وتمكينهم اجتماعياً واقتصادياً يجعلهم شركاء حقيقيين في الحفاظ على الأمن والنظام داخل الموانئ. كما أن تنمية قدرات فرق المراقبة وتوفير التدريب المستمر لهم يرفع من مستوى الفاعلية ويعزز ثقافة الالتزام والمسؤولية المشتركة.

إن الرهان اليوم هو الانتقال من إدارة أحداث متفرقة إلى بناء منظومة متكاملة، تجعل الموانئ نقاط قوة وليست مجرد ممرات عابرة، وتحوّل الرقابة إلى عملية تشاركية تجمع التكنولوجيا بالعنصر البشري، والاقتصاد بالأمن. بهذا التوجه، تصبح الموانئ جزءاً أساسياً من استراتيجيات حماية المجال البحري الوطني، وترتقي من كونها فضاءات تشغيلية إلى عوائق استراتيجية تحمي السيادة الوطنية وتدعم التنمية المستدامة للقطاع البحري.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة