هل يكون الريع القطاعي بالداخلة سببا مباشرة في إنتاج رجال أعمال جدد ؟

بقلم : أحمدو بنمبا

برز في العقدين الماضيين مجموعة من رجال أعمال بجهة الداخلة وادي الذهب بشكل لافت ، ولم يقتصر هذا البروز في النشاط الاقتصادي فحسب بل تعداه إلى ممارسة العمل الصفقاتي ولاسيما في المشاريع المتواجدة هنا وهناك بالجهة ، مما جعلنا أمام بروز عينات جديدة من رجال أعمال ينبعثون من رماد الصفقات العمومية ويكدسون من ورائها أمولا يلجون بها عالم الإستثمار ، بل ويحصلون بها على مقاعد تمثيلية في مجالس منتخبة محلية للدفاع عن مصالحهم وتيسير مهمة الحصول على ما يرغبون من المال العام مقابل خدمات تأتي عن طريق صفقات تمرر عبر شركة أو شركات في ملكيتهم بشكل غير مباشر ، و لم يعد يقتصر دور هؤلاء رجال الأعمال الجدد على التواجد في مجال واحد فقط بل امتد ذلك إلى مجالات أخرى ، يكون فيها الحصول على الإمتيازات بشكل سهل وبسيط ، فلا يخفى على أحد منا اليوم أن هؤلاء الرجال الجدد ، لهم إستثمارات كثيرة في مجالات الصيد ، الفلاحة ، السياحة والتعليم ، الفحص التقني والمكتبات والمطابع ، المؤسسات والمقاهي ووحدات التجميد والبناء والمقالع وغيرها ، ما أعطاهم الحق في الإستفادة من هذا الاقتصاد العشوائي ، الذي انتقل بهم إلى توسيع دائرة أعمالهم المرتبطة أساسا باقتصاد الريع ، وفي نفس الوقت مرتبطة بدوائر سلطوية نافذة داخل المجالس المنتخبة المحلية و المركزية لتمرير الصفقات والإستفادة من الإستثمارات والفوز بكل ماهو متاح لزيادة الأرصدة ، إضافة إلى التقرب أكثر من صناع القرار السياسي والإقتصادي ( الوزراء ) … فالهدف عندهم من هذا الانتقال ليس تطوير الاقتصاد أو تنويع مصادره ، بل هو التكيف مع التحولات الاقتصادية والسياسية التي أفرزها السياسة المنتهجة وبالتالي العمل على الحيلولة دون بروز نخبة اقتصادية نظيفة منتجة للثروة ومالكة لها يمكن أن تنافسهم على الإقتصاد في كل مجالاته و فروعه ، أو على الأقل تفرض شرعيتها بالمشاركة في صنع القرار ورسم السياسات العامة التي لا تخدم مصالحهم الريعية .

ولهذا نجد أنه وبعد مرور عقود من الزمن على الانفتاح الاقتصادي مزال هؤلاء الريعيين ينهشون الإقتصاد عبر شركاتهم ويتكاثرون يوما بعد يوم ، فمن منا لا يذكر فلان وعلان وماذا كان عنده وكيف أصبح ؟؟

صراحة هذا مشكل متشعب قد يضفي بضلاله على كل فشل قد يصيب المشاريع التنموية أو يؤخرها عن أجلها أو يجعلها لا تستجيب للمعايير المطلوبة ، بسبب هذه الفئة التي لا تعرف مصلحة أخرى غير مصالحها الشخصية هي فقط ، والتي ستساهم لا محال في بقاء الاقتصاد المحلي والجهوي والمشاريع التنموية بشكل عام رهينة بالنمط الريعي .

وانطلاقا من هذه الحقيقة، يبقى رجال الأعمال الجدد مطلوب منهم القيام بدورهم المحدد وعدم تجاوزه، لأنهم لا يشكلون نخبة اقتصادية أو نخبة برجوازية على النمط الغربي بقدر ما يشكلون طبقة ريعية تنتفع من اقتصاد الريع القطاعي والصفقاتي والمقاولاتي ؟