تتجه أنظار مهنيي الصيد التقليدي بالمغرب، صباح يوم الثلاثاء 15 يوليوز 2025، صوب مقر كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري في الرباط، حيث من المنتظر انعقاد اجتماع مركزي يشكل محطة حاسمة في مسار إعادة هيكلة هذا القطاع الحيوي، الذي يعد أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد البحري الوطني ومصدر رزق لآلاف الأسر المنتشرة على طول السواحل المغربية.
ودعت مديرية الصيد البحري جميع الفاعلين المعنيين إلى حضور هذا اللقاء الهام، الذي يشارك فيه ممثلو الهيئات المهنية البارزة، من رؤساء غرف الصيد البحري، وممثلي جامعة غرف الصيد، ورؤساء الكنفدراليتين الوطنية والمغربية للصيد التقليدي. وقد أكدت المديرية على ضرورة الحضور الشخصي أو التمثيلي لضمان نقاش موسع وشفاف، يفضي إلى بلورة رؤية مشتركة لتطوير القطاع وتعزيز حكامته وقدرته التنافسية.
ويأتي هذا الاجتماع في ظل دينامية وطنية نشطة، تميزت بسلسلة من اللقاءات التشاورية بين الكنفدراليتين المهنيتين وغرف الصيد خلال الأشهر الماضية، أسفرت عن إعداد تصورات ومقترحات متقدمة تتناول شتى جوانب إعادة هيكلة الصيد التقليدي، حيث تم التفاعل مع مسودة التصور الأولية التي قدمتها كتابة الدولة.
ومن المرتقب أن يشكل اجتماع الرباط نقطة مفصلية نحو الحسم النهائي في أربعة محاور رئيسية تُعتبر جوهرية لتأهيل القطاع، تتمثل في:
1. التخصص في أصناف الصيد: كمدخل لتنظيم الجهد الاستغلالي وحماية المخزون السمكي، مع الأخذ بعين الاعتبار الطابع الموسمي لكثير من الأصناف البحرية.
2. معايير حمولة القوارب: لضمان تطابق وسائل الإنتاج مع طبيعة النشاط البحري، مع احترام ضوابط السلامة التقنية.
3. السلامة البحرية: تعزيز شروط العمل الآمن والحد من حوادث البحر، خصوصًا في ظل تزايد المخاطر المرتبطة بالتقلبات المناخية الموسمية.
4. السلامة الصحية للمنتوجات البحرية: اعتماد آليات رقابة دقيقة تضمن جودة وسلامة المصطادات من المصدر وحتى المستهلك.
وعلى الرغم من انفتاح الهيئات المهنية على معظم المحاور المقترحة، إلا أنها أبدت تحفظاتها حول بند التخصص، معتبرة أن فرضه بشكل صارم قد لا يعكس الطبيعة الدينامية والمتقلبة لمصايد الصيد التقليدي، خاصة بالنسبة للقوارب التي تعتمد على تنويع الموارد خلال المواسم المختلفة. وعليه، اقترحت هذه الهيئات اقتصار التخصص على القوارب الموجهة لصيد الأسماك السطحية الصغيرة دون تعميمه على كافة الفئات.
يعكس هذا الطرح المهني الحرص على تحقيق توازن دقيق بين التنظيم العقلاني للقطاع وضرورة منح مرونة تسمح باستدامة نشاط آلاف البحارة، دون الإضرار بدخلهم أو تعقيد شروط عملهم الميداني. ويعد هذا اللقاء امتدادًا لسلسلة مبادرات تشاورية تقوم بها كتابة الدولة والشركاء المهنيون، بهدف التوصل إلى تعاقد مؤسساتي جديد يؤسس لحكامة رشيدة لقطاع الصيد التقليدي، ويضع إطارًا استراتيجيًا يأخذ بعين الاعتبار البعد الاجتماعي والبيئي والاقتصادي لهذا النشاط الحيوي.
ويُذكر أن قطاع الصيد التقليدي يشغل آلاف البحارة ويسهم بفعالية في تعزيز الأمن الغذائي الوطني، غير أنه ما يزال يواجه تحديات متعددة مرتبطة بضعف البنية التحتية، وتشتت التنظيم المهني، وتعقيدات تقنية عديدة. ولذا تمثل هذه المرحلة الإصلاحية فرصة ثمينة للفاعلين المهنيين للخروج برؤية موحدة تضمن تثبيت أسس الإصلاح الشامل والفاعل، الذي بات ضرورة ملحة في ظل التحديات الراهنة.