✍️ م. الصغير – الساحل بريس
في خطوة وُصفت بـ”التحول النوعي” في تدبير المصايد البحرية بجهة الداخلة – وادي الذهب، أعلن مندوب الصيد البحري بالداخلة، خلال أشغال الدورة العادية لغرفة الصيد البحري الأطلسية الجنوبية، أن كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري قررت رسمياً الترخيص بصيد الحبار (السيبيا) وجميع أصناف الأسماك بالتوازي مع انطلاق موسم صيد الأخطبوط.
هذا القرار، الذي استُقبل بارتياح كبير من قبل مهنيي القطاع، يستجيب للمطالب المتكررة التي ظل يرفعها الفاعلون، خاصة العاملين ضمن أسطول الصيد التقليدي، والذين نادوا منذ سنوات بضرورة تنويع الأصناف المصطادة لتحقيق مردودية اقتصادية مستقرة وتجاوز التقلبات المرتبطة بالأخطبوط وحده.
وقد جاء هذا التحول تتويجاً لمرافعات متعددة للهيئات المهنية التي نبهت إلى تأثير حصرية صيد الأخطبوط على الدخل اليومي للبحارة في ظل التغيرات المناخية وتقلبات الكميات المصطادة. ومن المنتظر أن ينعكس القرار إيجاباً على الدورة الاقتصادية المحلية من خلال تنويع المنتوج البحري، وتحسين الدخل، وتقليص الضغط على الأصناف الحساسة بيئياً.
لكن هذا الانفتاح يطرح أيضاً عدة تحديات على مستوى التنظيم والمراقبة، خاصة أن الترخيص بصيد أنواع متعددة يقتضي آليات صارمة لتفادي الاستغلال المفرط، وضمان احترام الكوطا والتوازن البيئي. وفي هذا السياق، دعا المندوب إلى ضرورة مواكبة القرار بدعم تقني وتحسيسي للمهنيين، وتوفير دلائل توجيهية تضمن احترام الضوابط القانونية والبيئية، لا سيما في نقط التفريغ وأسواق الجملة.
المندوب، وفي كلمة شديدة اللهجة، وجه تحذيراً صريحاً لكل من يثبت تورطه في تهريب المنتوجات البحرية، مؤكداً أن المصالح المختصة ستفعل المساطر القانونية والإدارية بكل صرامة ضد المخالفين، وأن التنسيق جارٍ مع الجهات الأمنية لتضييق الخناق على هذه الممارسات التي تضر بالثروة البحرية ومجهودات التقنين.
ويمثل القرار كذلك فرصة استثنائية لخلق دينامية محلية جديدة، عبر خلق فرص شغل إضافية في سلسلة الإنتاج، وتحفيز وحدات التجميد، وتحسين عرض المنتوج البحري في الأسواق. ويضع هذا المستجد البحّار في قلب التغيير، ويفرض عليه مسؤولية مضاعفة: الاستفادة من الانفتاح، دون المساس باستدامة المخزون السمكي الذي يمثل مورد رزق حيوي له وللأجيال القادمة.
إنه قرار ذكي في توقيت حساس، لكنه لن ينجح إلا إذا اقترن بالانضباط والوعي المهني، والصرامة في التصدي لكل محاولات الإخلال بالمنظومة. فالربح الجماعي رهين باحترام القانون، والتفكير في المستقبل، لا في الربح السريع.