تعتبر العدالة الاجتماعية في مفهومها الشامل أنها هي العدالة من حيث توزيع الثروة، والفرص، والامتيازات داخل المجتمع، وغالبًا ما تشير إلى عملية ضمان قيام الأفراد بأدوارهم المجتمعية والحصول على ما يستحقونه من المجتمع.
اننا واذا رجعنا قليلا الى الوراء وبالضبط في في زمن الخليفة الثاني لرسول الله صلى الله عليه وسلم ” الفاروق عمر بن الخطاب ” نجد مفهوم العدالة الاجتماعية بدأ العمل به من اجل تحقيق المساواة وتكافئ الفرص داخل المجتمع الواحد ولتحقيق هدف التعايش السلمي والتقسيم العادل للثروات تماشيا مع تعاليم الاسلام وما تمليه الضرورة من القيام بواجبات المسلمين على اكمل وجه ، فعمر الفاروق كان من اشد اصحاب رسول الله عدلا وتمسكا بالجانب الاجتماعي اذ خصص ديوان كامل واطلق عليه اسم ” ديوان العطاء ” وكلف القائم على هذا الديوان بدراسة القدرة المالية لكل فرد وما يعانيه من مشاكل ذات بعد اجتماعي من اجل تخصيص مبلغ مالي يصرف له شهريا يكون كافيا له لتوفير مقومات الحياة ومطالبها .. ؛ في ذات السياق حرص عمر الفاروق على مشاركة ابناء مجتمعه الاسلامي معاناتهم مكلفا بذلك ديوان العطاء منح 100 درهم لكل طفل يولد ، يتم مضاعفته ليصبح 200 درهما حين يبلغ اشده ، وبالطبع هذه المخصصات الشهرية كانت تشمل كل الفئات الاجتماعية الهشة الباحثة عن عمل او الغير قادرة عليه ..
ومع تطور الزمن وعصرنة الدولة والتوجه اكثر الى الجهوية مزال مفهوم العدالة الاجتماعية يرافق الدولة والشعب في كل مراحل النمو التاريخية ووسيلة جد فعالة لمواجهة المشاكل الاجتماعية التي تعتبر حجر عثرة تقف امام التطور التنموي والبناء المؤسساتي…فتوجه الدولة مؤخرا وبالتحديد في دستور 2011 الى الجهوية وجعل السياسات العمومية توجه مباشرة الى الكادر البشري لخير دليل على وجوب تماشي القانون مع التدبير التنموي المحلي الذي يعتبر جزء من التنمية الشاملة التي تدعوا اليها المملكة وتحث عليها ؛ غير ان هذا لا يجد اساسه في الشان المحلي نظرا لعدة اشكاليات يمكن اختزالها في :
*ان القائمين على الشان المحلي لا يسعون الى اسعاد المواطن وحلحلة مشاكله بشكل ايجابي
*الفشل الذريع في ابتكار حلول مناسبة للمشاكل الاجتماعية
* الاعتماد على المبادرات النابعة من المركز ونذرت المبادرات ذات المصدر المحلي ..
* الرسائل الفارغة المحتوى والتي لا تزيد الوضع الا تازما وتعقيدا.
ان الادارة المحلية بمفهومها الواسع لم تشهد والاكيد انها لم تسعى يوما لفكرة مفادها حل المشاكل الاجتماعية وذلك نظرا لغياب مسؤول حقيقي له نظرة واسعة وحامل لمشاريع اجتماعية متكاملة قائمة على اساس فكري واجتماعي وثقافي ؛ مما يجعل الواقع يزداد تازما و تزداد معه وتيرة الاحتجاجات والوقفات والاعتصامات … التي تاتي غالبا بدافع التهميش وسياسة الهروب الى الامام … فلم يعد من المقبول ابدا ترك الحبل على الجرار ومجابهة المشاكل الاجتماعية بخطابات واساليب قائمة على تفعيل منطق الجدلية البزنطية او الخطابات الفارغة والجانبية التي لا تحتمل تاويلا ولا حتى تفسيرا يقبله المتلقي او المعني بذلك لان المشاكل كيفما كبرت الا ولها حلول ومخرجات ؛ فمن غير المقبول ابدا ان يوجد فرد من افراد المجتمع بشهادة او بدونها في مدينة منتجة و غنية وهو يقلب كفيه بين ثنائية اليأس والاحباط بسبب انعدام اشارة واضحة او سياسة مباشرة تمسه بشكل مباشر ؟