استغربت رابطة قضاة المغرب، ما جاء في بلاغ المندوبية العامة لإدارة السجون، من معطيات تُحمّل من خلالها السلطة القضائية سبب الاكتظاظ الذي تعرفه المؤسسات السجنية والناتج عن ارتفاع وتيرة الاعتقال.
وعبرت الرابطة باعتبارها جمعية مهنية قضائية، عن رفضها المطلق لأي تدخل من شأنه المس باستقلال السلطة القضائية أو التأثير على قرارات قضاتها الملزمين فقط بالتطبيق السليم والعادل للقانون، بما في ذلك تعليل قراراتهم المرتبطة بالمتابعات في حالة اعتقال أو سراح.
كما رفضت الجمعية أي توجيه أو تدخل في الشأن القضائي والذي لم يغيّب يوما توجهات الدولة في السياسات الجنائية واستراتيجية مكافحة الجريمة وإنزال العقاب وجعل الاعتقال استثناء وليس أصلا.
واعتبرت رابطة قضاة المغرب أن المخاطب الوحيد للمندوبية العامة لإدارة السجون هي رئاسة الحكومة باعتبارها الوصية على هذا القطاع، لدعوتها لتوفير الإمكانيات المادية واللوجيستيكية اللازمتين لحل هذه المعضلة.
وأشارت رابطة قضاة المغرب إلى أن الرأي العام الذي خصته المندوبية العامة بهذا البلاغ، هو نفسه الذي طالما نادى بمحاربة الجريمة وعدم التساهل مع المجرمين تحسبا من كل إفلات من العقاب وتحقيقا للردع العام والخاص، سيما وأن المغرب الذي أصبحت ساكنته تناهز 40 مليون نسمة عرف في السنوات الأخيرة تفاقما مضطردا للجريمة كما وكيفا.
وثمنت الرابطة المبادرة التشريعية المرتقبة لتعديل القانون الجنائي على مستوى إحداث بدائل الاعتقال الاحتياطي والعقوبات السالبة للحرية مع العمل على التسريع بدخولها حيز التنفيذ، داعية رابطة قضاة المغرب المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج الإطلاع على المجهودات التي يبذلها كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة في مجال ترشيد الاعتقال، وذلك من خلال الدوريات المتعددة والمتتالية الصادرة عن كلا الجهتين.
وكانت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، قد دعت الاثنين، السلطات القضائية والإدارية إلى الإسراع بإيجاد الحلول الكفيلة لمعالجة إشكالية الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية.
وقالت المندوبية، في بلاغ لها، “وإذ تعبر المندوبية العامة عن قلقها البالغ لتسجيل هذا التزايد المهول، فإنها تطلب من السلطات القضائية والإدارية الإسراع بإيجاد الحلول الكفيلة لمعالجة إشكالية الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية لتفادي ما قد يترتب عن هذا الوضع الإشكالي المقلق من اختلالات أو حتى انفلاتات أمنية، علاوة عن المشاكل التي من المفروض أن تنتج عنه في ما يتعلق بظروف الإيواء والتغذية والتطبيب والاستفادة من برامج التأهيل لإعادة الإدماج”.
وأكد المصدر ذاته أن “عدد السجناء بالمؤسسات السجنية قد بلغ، بتاريخ 7 غشت 2023، ما مجموعه 100 ألف وأربعة سجناء، وهو رقم قياسي، علما أن الطاقة الاستيعابية للمؤسسات السجنية حاليا لا تتجاوز 64 ألف و600 سرير، وذلك رغم المجهودات المتواصلة التي بذلتها المندوبية العامة لتحديث وتوسيع حظيرة السجون بالمغرب”.
ولتقريب الصورة أكثر إلى الرأي العام بخصوص الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية، تضيف المندوبية، “فقد بلغ، على سبيل المثال، عدد السجناء بالسجن المحلي عين السبع بالدار البيضاء ما مجموعه 10 آلاف و877 سجينا، علما أن الطاقة الاستيعابية لهذا السجن لا تتعدى 3 آلاف و800 سرير”.
وخلص البلاغ إلى أنه “من المرتقب أن يستمر تزايد الساكنة السجنية مستقبلا إذا ما استمر الاعتقال بالوتيرة الحالية، ولم تتخذ الإجراءات الضرورية والاستعجالية لتدارك الوضع”.